لا يوجد عبد لا يخطئ ، و خير الخطّائون التوّابون كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . و قد ترك الله تعالى باب التّوبة مفتوحاً لجميع عباده إذا تابوا ، و في الأثر أنّ الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة العبد . و يقول سبحانه في كتابه الكريم : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا } ( الزمر : 53 ) . و ليست التّوبة على من يعملون المعاصي عمداً فقط ، بل يجب على العبد أن يجدّد توبته إلى الله سبحانه و يطلب رضوانه و رحمته ، يقول سبحانه : { إنّما التّوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب } ( النساء : 17 )
و يقول المفسّرون في تلك الآية أنّه لا وزر على من يعمل السّوء وهو غير عالم به ، بينما يقول آخرون ، و منهم ابن عباس رضي الله عنه أنّ الجاهل هو من يعمل السوء ، و من فضل الله و رحمته أن جعل باب التّوبة و المغفرة لكل عباده مهما كثرت ذنوبهم ، و يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتبع السيّئة الحسنة تمحها " ، رواه الترمذي . إذاً فالتّوبة تتطلّب أولاً إدراك فعل المعصية ، و النّدم عليها ، و عمل الصالحات إبتغاء رضى الله عز و جل و رحمته . و بعد اللإعتراف بالذنب و الندم عليه يأتي دور العمل لتبيين ذلك ، على المؤمن أن يصمم و يعاهد الله على ألا يعود لفعل ذلك الذنب مرة أخرى ، و يعمل الأعمال الصّالحة لمحو ذنوبه ، و ذلك بالإكثار من النّوافل و الصّدقات و الدعاء تضرعاً و خشية ، و كلّما شعر المؤمن بعظم ذنبه قام بالعمل على تجنب الوقوع فيه مرة أخرى .
في سورة النساء الآية : 48 يقول تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ، و ذلك تحذير للمؤمنين من عدم الرجوع إلى الله و التوبة إليه قبل الموت ، و لا تعني الآية خروج من أشرك من رحمة الله تعالى ، بل الله هو الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شئ ، بل تعني أنه لا يغفر لمن مات على الشرك ، أمّا من مات مؤمناً فأجره و رحمته عند الله . عليك أخي المؤمن باللحاق بركب التوابين قبل الموت لتنال رضا الله سبحانه في الدنيا و الآخرة .