لما شرع الإسلام، شرعت العديد من القواعد والأحكام المنظمة لحياة الفرد على إحدى، او حياة المجتمع ككل، وان لهذه القواعد التي تنبثق من جملة السنن الراسخة والمبادئ السامية الأثر الكبير في كافة جوانب حياته، فلقد شرع الإسلام الزكاة كسائر العبادات، ولكنها ذات أهمية وفائدة تنطوي على مساعدة الغني الفقير، وتأليف القلوب وبناء مجتمع كلبنيان المرصوص، وقد فرض الله أنواع مختلفة من الزكاة ، ولكل منها هدف ووقت محددين، وشرع الله زكاة الفطر أو ما تسمى "بزكاة الصوم أو "صدقة الفطر" وغيرها من المسميات، كزكاة متمم لأعمال العبد في شهر رمضان، وهي كلمة مشتقة من تزكية النفس وترفيعها عما يغضب الله، وتعرف زكاة الفطر على انها " مقدار محدود مفروض على القادر قبل انتهاء شهر رمضان، ويراد منها المثوبة من الله –عز وجل- ، وإقترنت زكاة الفطر بنهاية شهر رمضان المبارك حتى تكون المكمل الأمثل للإعمال.
وقد فرض الله-سبحانه وتعالى- زكاة الفطر في السنة الثانية للهجرة أي في الوقت الذي فرض فيه صيام رمضان، وقد اجمع السلف الصالح على وجوبها، وهي فرض عين على كل مسلم، وقد فرها النبي-عليه الصلاة والسلام- على كل نفس من المسلمين سواء أكان حرا أو عبدا، رجل أو امرأة، كبيرا أو صغيرا، وحسب ما أوردته العديد من الأحاديث النبوية الشريفة على مقدارها، وقد اجمعوا على أنها صاع من طعام أو صاع من شعير أو تمرا أو إقطا أو زبيبا، وهي تطهير للصائم من النميمة واللغو، وينبغي ان تؤدى قبل صلاة العيد فأن أعطيت بعد ذلك فهي صدقة جارية كسائر الصدقات، وفقا للحديث الذي يروى عن ابن عباس- رضي الله عنهما- :(فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات).
وفرض الإسلام زكاة الفطر لأحكام عدة منها: تطهير الصيام وما قد ينشب من الصائم وينقص ثوابه من اللغو والرفث والفسوق،وكسب للأجر وتنمية العمل الصالح، وكذلك استشعار حال الفقير والمسكين وما يعيشه من ذل وفقر واغتناءه عن السؤال يوم العيد، كما أنها تطهر النفس من الأخلاق السيئة كالشح والشحناء وغيرها من الأخلاق المنبوذة ، والتي قد تحبط اجر الصائم، وإظهار شكر الله-سبحانه وتعالى- بإتمام صيام شهر رمضان وما يسر له من قيام وصلاة ودعاء سائر الشهر، ولا سيما أنها تشيع المودة والمحبة بين الفقراء والأغنياء.
ويخرج المسلم زكاة الفطر عن نفسه وزوجته، وأولاده ووالديه الفقراء، والفتاة التي لم تتزوج بعد، بالمقابل يخرج الزوج عن مطلقته الرجعية شريطة أن لا يكون بائن بينونة صغرى أو كبرى، كما تخرج زكاة الفطر عن الجنين.