تعتبر الزّكاة من الأركان التي بني عليها الإسلام ، فهي لغةً تعني النّماء و التّطهير ، قال تعالى ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) و في الإصطلاح ما رتّب الإسلام أداءه على المسلم بدفع نسبةٍ من ماله حين تتحقّق فيه شروط الأداء و هي أن يحول عليه الحول و كذلك أن يبلغ المال نصاباً تؤدّى عليه الزّكاة ، و قد أكدّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم على فرضية الزّكاة ، فالحاكم المسلم مأمورٌ بجمع الزّكاة و دفعها إلى مستحقّيها ، و قد حدّد الله تعالى في كتابه مصارف الزّكاة ، فهي للفقراء و المساكين و العاملين عليها و الغارمين و في الرّقاب و ابن السّبيل و في سبيل الله .
و قد كانت قبائل العرب تدفع زكاة أموالها إلى النّبي عليه الصّلاة و السّلام ، و عندما توفّي النّبي الكريم ارتدّت بعض القبائل عن دفع الزّكاة ، فحاربهم الخليفة أبو بكر الصّديق رضي الله عنها حتى أذعنوا لأمر الله تعالى .
وفرضت الزكاة على المسلمين لما لها من آثارٌ إيجابيّةٌ على الفرد و المجتمع ، فهي تطهّر الفرد المسلم و تزكّي نفسه و تجعله يشعر بحاجات النّاس الفقراء و معاناتهم فيتحقّق التّكافل بين المسلمين ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم بأّنّ المسلمون في توادّهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر و الحمى ، و هذا من خصائص المجتمع المسلم بأنّ أفراده يتكافلون فيما بينهم ، و لا شكّ بأنّ الزّكاة هي أداةٌ مهمّةٌ لتحقيق هذا الأمر ، فحينما تجمع الأموال من المسلمين و توضع في صندوقٍ خاصٍّ يسمّى بصندوق الزّكاة ، يصرف من هذه الأموال في وجوه الخير المختلفة ، فلا ترى في المجتمع فقيراً أو محتاجاً إلا سدّت حاجته ، و لا ترى مسلماً مديناً قد عجز عن سداد دينه إلا تكفّلت فريضة الزّكاة بسدّ دينه ، فالزّكاة لها دورٌ كبيرٌ مؤثّرٌ في المجتمع و تساهم بشكلٍ فاعلٍ في تحقيق التّكافل و التّضامن الإجتماعي بما تحقّقه أدواتها من مساهماتٍ ايجابيّةٍ في المجتمع يلمس آثارها الفقراء و ذوي الحاجة و المكروبين ، و تقع على الحكومة مسؤولية وضع تشريعات تضمن إنشاء صناديق زكاةٍ تؤدّي واجبها باقتدار و كفاءة .