ما فوائد الصلاة
في عرفنا نحن البشر، من يصنع أي شيء يعرف ما يحتاجه هذا الشيء ليعمل على أكمل وجه، فكيف إذا كان الخالق هو الله سبحانه وتعالى الذي خلقنا ورزقنا وهو أعلم بما ينفعنا في الدنيا والآخرة لذا فقد أنزل القرآن وأرسل الأنبياء إلينا وفرض علينا شريعته وكلفنا لمصلحتنا ببعض الواجبات ومن ضمنها إقامة الصلاة ووعدنا بأن لنا على أدائها عظيم المكافآت. لأنّ الصلاة منفعة لنا في الدنيا والآخرة ولا تتعود فائدتها إلّا علينا، فالله هو الغني الحميد ونحن من نحتاجه وما فرضه علينا تعرف ما هو إلّا لينصلح حالنا في هذه الدنيا قبل فوات الأوان.
منفعة الصلاة في الآخرة
أمّا في الآخرة فالصلاة عمود الدين، إن صلحت صلح الدين كله، وفيها الثواب العظيم والأجر الكبير وهي من ما هى اسباب مغفرة الذنوب، وهي من أهم الما هى اسباب لدخول الجنة والنجاة من النار. كيف لا وهي احسن وأفضل الأعمال عند الله بعد التوحيد؟! وذلك مصدّقاً لما أخبرنا به المصطفى عليه الصلاة والسلام. إنّها الحد الفاصل بين الإيمان والكفر وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم الحساب.
فوائد الصلاة في الدنيا
فوائد الصلاة كثيرة جداً ولا تقتصر على جانبٍ واحد بل كانت شاملةً لكل المجالات والجوانب وكلما زادت الأبحاث في هذا الموضوع اكتشف الباحثون فوائد جديدة جمة للصلاة تؤثر على حياتنا ونشعر بأثرها علينا في واقعنا.
الصلاة والسلوك الإنساني
الصلاة تهذب الإنسان وتضبط تصرفاته، ويكفي أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، هذا كله يصب في مصلحة الفرد والجماعة، وتخيّل معي لو كان المجتمع بكامله يصلي، فستكون أوقات الصلوات وما قبلها وما بعدها في معظمها خاليةً من الجرائم والمشاكل وعيوب التي نراها اليوم في مجتمعاتنا.
الصلاة والمجتمع
الصلاة تجمع الكثير من الناس في نفس المكان من أجل أداءها، وقبل الصلاة وبعدها يلتقي الناس ويتبادلون التحية ويحكون أخبارهم لبعضهم البعض، فمن الصلاة نعرف أنّ جارنا مريض، ومن الصلاة نعرف أن فلاناً توفى فنذهب لتعزية أهله، ومن الصلاة نعرف أن هناك محلاً جديداً قد تم افتتاحه في منطقتنا فنذهب للتسوق منه، ومن الصلاة نعرف أن فلاناً قد رزقه الله بمولود فنقدم له التهنئة، وهكذا فإنّ الصلاة فرصة عظيمة للتواصل الإنساني الذي يخلق لُحْمَةً فريدةً من نوعها في المجتمع المسلم.
إنها تخلق بين أفراد المجتمع التودد والتلاحم والتراحم، خير مثال على أثر الصلاة من الناحية الاجتماعية صلاة الجمعة والتي تجمع المسلمين في إجازتهم الأسبوعية في مكانٍ واحد في منطقة ما. فنخرج من الصلاة ليسأل كل منا عن الآخر ويمازح الآخر ويعده بزيارة قريبة، وهذا فإن الصلاة هي منبع التعاون على البر والتقوى والخير، منها تجمع الزكاة والصدقات، وفيها مجالس العلم والخطابة، وفيها تتشكل شخصية الصغار وتقوم سلوكيات الصغار والكبار على حدٍّ سواء. إن الصلاة تصنع المجتمع السليم المتماسك وتزيد التعارف بين الناس، وحتى الغريب الذي قد جاء للبلد ولا يعرف فيها شيئاً، ستكون الصلاة فرصة له لكي يقوم أهل البلد بضيافته وإكرامه وإنجاح مقصده وتيسير أموره في هذا السفر.
والصلاة في المسجد تشعر المسلمين بالمساواة وتحطم الفروق الاجتماعية والطبقية لأن الغني يصلي مع الفقير، والصغير بجوار الكبير، والمسؤول بجانب المواطن وهذا كله يزيد الألفة والترابط بين الناس ويلغي الحساسيات الموجودة بين فئات وطبقات المجتمع حينما يذعن الجميع لأوامر الله ويصلون في صفوف متساوية مستوية يؤدون نفس الحركات وفي نفس الوقت.
الصلاة والاقتصاد
الصلاة تنشط الحركة الاقتصادية، لأنّها تقلص الملل والسأم عند الموظفين أثناء العمل وتشعرهم بالراحة، ولأنها تجعل المسلم منضبط في مواعيده ملتزماً بها وتجعله يستيقظ لصلاة الفجر والتي يستنشق بعدها الهواء اللطيف النظيف المشبع بالأوزون مما ينعكس على أدائه ونشاطه ومزاجه في العمل. والصلاة أيضاً تجلب بركة الرزق وتبعد اليأس عن العاطلين عن العمل. وكذلك فإن الصلاة فرصة للتواصل بين الناس ومعرفتهم بكل جديد على صعيد التجارة والاقتصاد في منطقتهم. كما وأن الحركة التجارية تنشط بعد الصلوات مباشرة وخاصة يوم الجمعة.
والصلاة مفيدة لصحة أفراد المجتمع وبالتالي سيقل الإنفاق على المشاكل وعيوب الصحية داخل المجتمع. كما وأنها ستحد من الجريمة وسترفع معدل الأمن والتنمية وإنتاجية الفرد، قد يقول البعض أن هذا كلام إنشائي ولا يمكن أن يكون على أرض الواقع، سأذكر لك مثالاً قد حدث في دولة متقدمة مثل اليابان، لقد قامت بعض الشركات بالطلب من موظفيها بالقيام بالتمارين الخفيفة من وقت لآخر في قبل العمل وأثناء العمل ولاحظت هذه الشركات مدى أثر هذه التمرينات على إنتاجيتها. لذا فإن الصلاة تحسن الإنتاجية لدى العاملين والأجدر بأصحاب الأعمال أن يوقفوا أعمالهم في وقت الصلاة ثم الاستمرار بها لاحقاً بعد الصلاة. أضف إلى ذلك أن الصلاة فرصة عظيمة لتفقد أحوال الفقراء والقيام بما يلزم اتجاههم. والزكاة والصدقات قد تجمع في المساجد وقد تصل إلى أصحابها بسبب خطبة صغيرة ألقيت في المسجد وأثرت في ذلك المحسن.
الصلاة والصحة
يكفي أنك كي تقوم بالصلاة يجب أن تتوضأ عدة مرات في اليوم وأن تغتسل غسلاً واجباً من حين لآخر أو غسلاً مستحباً، وهذا يكفي لتنعكس الصلاة على نظافتك الشخصية بالإيجاب مما سيوقيك من العديد من الأمراض. كما وأن للوضوء أثر مهم على الصحة النفسية. وكذلك فإن الحركات الخفيفة المتكررة في الصلاة تحرك جميع أجزاء الجسم بشكل متناسق وتنعكس إيجاباً على العظام والفقرات والمفاصل والعضلات وكذلك تنعكس على الجهاز الدوري الدموي وخاصةً أثناء السجود، لأن الأوعية الدموية في الدماغ تزداد مرونة وقوة. والصلاة تحسن المزاج والصحة النفسية وبالتالي هذا يؤدي بدوره إلى زيادة قدرة جهاز المناعة على مقاومة الأمراض. كما وأن المشي بشكل عام يزيل الاكتئاب ويفتح الشهية ويزيد النشاط ويحافظ على الوزن المثالي لأّنه يحرق الدهون الزائدة عن حاجة الجسم وأنت تعلم عزيزي القارئ أن كل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة. إن الخروج إلى الصلاة في جماعة يبعد الأمراض النفسية خاصة والتي تنشأ بسبب الفراغ كالانطواء والاكتئاب. والصلاة تجعل جسمك يقاوم أمراض الشيخوخة ويؤخر أعراضها. كما وأن الصلاة تحسن من وظائف الدماغ كالذاكرة والتفكير والنباهة. كما وأنّ بعض السنن المرتبطة بالصلاة كالغسل يوم الجمعة والسواك لها أثر صحي إيجابي مهم على الإنسان. فالكثير من مشاكل وعيوب الإنسان تبدأ من الفم، ولا شيء مثل السواك في معالجة أمراض الفم والوقاية من مشاكله والتي قد تصل إلى جوف الإنسان.
الصلاة والعلم
الصلاة هي فرصة طيبة للاجتماع في المسجد، وهناك الكثير من الأشياء قد تعلمناها من هناك كالأحكام الشرعية والفقه والتفسير والحديث وغير ذلك من العلوم المختلفة دينية كانت أم دنيوية، سواءً كان ذلك في الدروس الغير دورية والتي تلقى قبل الصلاة أو بعدها أو في الخطبة الدورية كخطبة الجمعة أو خطبة العيد.
الصلاة كنز عظيم
وهكذا عزيزي القارئ فإن العبادات هي من صميم إسلامنا، وهذه العبادات تنشر السلوك الطيب والأخلاق الحميدة بين الناس، كما وأنها ليست فقط للآخرة وإنتعرف على ما هى للدنيا والآخرة، فالله عز وجل غني عن عبادة عباده. وهذه العبادات يصلح بها حال الإنسان على الأرض، لذا فالصلاة كما ذكرنا سابقاً فيها فائدة للأبدان، وراحة للأفئدة والألباب، وفيها رقي بالمجتمعات ونماء في الأموال، وفيها الأخلاق والعلم والإحسان، وفيها بعد الموت بإذنه تعالى أن يكون صاحبها من أهل الجنان.