مقدّمة
لقد فرض الله الصلاة على المسلم البالغ العاقل، وكان ذلك في حادثة الإسراء والمعراج، حيث فرض الله الصلاة من فوق سبع سماوات، وكانت خمس فروض فرضها الله علينا في اليوم واللّيلة، والمتأمّل في هذه الفريضة يجد الكثير من الفوائد النفسيّة والجسديّة على مؤدّيها بشكل صحيح، وسنتناول هنا أهميّة الصلاة في ضبط إيقاع في الجسم.
ضبط إيقاع الجسم
أكّدت الأبحاث الحديثة أنّ الأوقات التي فرض الله الصلاة على المسلم تتناسب مع التوقيت الفسيولوجي للجسم، حيث تكون بمثابة قائد ومنظّم للجسم إذا قام المسلم بأدائها في أوقاتها المفروضة ولم يؤخّرها، وقد ذكر الباحث والطبيب زهير رابح في كتابه " الاستشفاء بالصلاة " أن هرمون الكورتيزون هو المسؤول عن النشاط والحيويّة داخل جسم الإنسان، ويتمّ إفرازه مع دخول وقت صلاة الصبح، حيث يعمل على رفع منسوب ضغط الدمّ، ويمنح الإحساس بالقوّة والنشاط والحيويّة ويستمر إفرازه ما بين الساعة السادسة والتاسعة يوميّاً.
لهذا السبب يكون أهمّ وقت للعمل هو الصباح، وقد ورد عن النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال " بورك لأمتي في بكورها"، ومن الجدير بالذكر أيضاً أنّ كميّة غاز الأوزون تكون في أعلى مستوياتهافي هذا الوقت، وهذا الغاز ضروريّ جدّاً لعمل الجهاز العصبيّ، وتنشيطه، ولتصفية الذهن، وتقوية وتنمية العضلات، ثمّ بعد ذلك في وقت الضحى يقلّ هذا الغاز في الجوّ فنحس بالتعب والرغبة في أخذ الراحة، ثمّ عند الظهر وبعدما يصلي المسلم يتجدّد نشاطه مرّة أخرى.
أمّا الوقت بين صلاة الظهر وصلاة العصر فيحتاج فيه المسلم إلى الراحة أو القيلولة وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " استعينوا بطعام السحر على الصيام، وبالقيلولة على قيام الليل" وقال صلى الله عليه وسلم:" أقيلوا فإن الشياطين لا تقيل "، وقد أكّدت الأبحاث والدراسات أنّ هذه تعتبر أصعب مرحلة خلال اليوم يمرّ بها الجسم، حيث تفرز مادّة مخدّرة تساعد على النوم.
وفي صلاة العصر يتجدّد نشاط المسلم، ويرتفع إفراز لأدرينالين في الأوعية الدمويّة فيتمّ تنشيط الجسم ليقوم بجميع الوظائف خاصّة الأنشطة المتعلّقة بجهاز القلب.
ثم تحين صلاة المغرب فيخفّ إفراز هرمون "الكورتيزون" وينقص نشاط الجسم، ويتحضّر الجسم للنوم بعد غروب الشمس وحلول الظلام.
أما في وقت صلاة العشاء فيتحول النشاط إلى رغبة في النوم والاسترخاء حيث ترتفع نسبة إفراز "الميلاتونين"، هذا الهرمون مهمّ في تطوير نموّ العقل، وزيادة الرغبة الجنسيّة، وقد ورد عن النبي أهميّة تأخير صلاة العشاء بعد إنجاز جميع الأنشطة، حيث يخلد المسلم بعدها للنوم والراحة.