في ليلة الإسراء والمعراج وحين أُسري بالنّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى السّماء، أوحى الله تعالى له عددًا من الأحكام والشّرائع، وفرض عليه وعلى أمّته الصّلاة، وقد كانت في بادئ الأمر خمسين صلاة في اليوم واللّيلة، فنزل سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام إلى سيّدنا موسى عليه السّلام يخبره بذلك، فقال له سيّدنا موسى ارجع إلى ربّك فاسأله التّخفيف لأنّ أمّة سيّدنا محمّد لن تطيق ذلك، فرجع سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام إلى ربّ العالمين أكثر من مرّةٍ حتّى خفّفت الصّلاة وأصبحت خمس صلوات في اليوم والليلة، وهذه الخمس صلوات تعادل خمسين صلاة لما يضاعف الله تعالى الحسنة بعشر أمثالها.
وبعدّ ذلك نزل جبريل عليه السّلام حتّى يخبر النّبي عليه الصّلاة والسّلام مواقيت وهيئة الصّلوات، فحين تزول الشمس يقول جبريل للنّبي صلّي الآن الظهر، ثمّ حين تميل الشّمس يقول له صلّي العصر، ثمّ وقت غياب الشّمس يقول له صلّي المغرب، ثمّ وقت غياب الشّفق يقول له صلّي العشاء وهي الصّلاة الأخيرة في اليوم، ثمّ صلاة الصّبح قبل طلوع الفجر بقليل، وبذلك اكتملت صورة الصّلوات عند النّبي عليه الصّلاة والسّلام فانطلق ليعلّم المسلمين صلاتهم، وقد كان فرض الصّلاة في ليلة الإسراء والمعراج قبل الهجرة بسنة ونصف، ويتساءل الكثير من النّاس عن الصّلاة قبل ذلك، وهل كان يفرض على المسلمين شيءٌ منها؟، وهنا تتعدّد الرّوايات حول فرض الصّلاة قبل ليلة الإسراء والمعراج، فمن العلماء من يرى بأنّ الصّلاة لم تكن مفروضة قبل تلك الليلة، ومن العلماء من يقول أنّ الصّلاة كانت مفروضة حيث كانت واحدة منها في الغداة وواحدة منها في العشي، وكان المسلم فيها يقوم بقراءة ما تيسّر من القرآن، ومن العلماء من يرى بأنّ الصّلاة المفروضة كانت صلاة قيام الليل ثمّ أصبحت صلاة جزء من الليل، ثمّ نسخت بالصّلوات الخمس المفروضة.
وقد كانت الصّلاة المفروضة في بداية الأمر هي عبارة عن ركعتين فقط، ثمّ صارت تلك الصّلاة أربع ركعات في الحصر، وبقيت عبارة عن ركعتين كتعرف على ما هى سابقاً في السّفر والرّخصة.
ولا يخفى على أحدٍ أهميّة الصّلاة في حياة المسلمين وعقيدتهم، فهي الرّكن الثّاني من أركان الإسلام، وهي عمود الإسلام وأساسه المتين، وهي الفاصل بين الإيمان والكفر فمن تركها جحودًا لها فقد كفر يقينًا، ومن تكاسل عن تلك الصّلوات المفروضة أقلّ ما يقال عنه أنّه منافق، على الرّغم من أنّ بعض العلماء كفّر الشخص حتّى لو ترك الصّلاة تكاسلًا، والصّلاة هي تهذيبٌ للنّفس وتوثيق لصلة المسلم بربّه جلّ وعلا.