لطالما كانت عقليّة الإنسان المُتمتّعة بحب السيطرة على الآخر مصدراً لاختراع وابتكار أسلحة متنوّعة من شأنها إلحاق الأذى في الخصم وشَل قدرته على المناورة، وقد تفاوت حجم الضّرر الناتج عن هذه الأسلحة حسب نوع السلاح المستخدم، حيث تختلف من ناحية أثرها التدميري الذي يبدأ بشلّ الحركة المؤقّت وينتهي إلى الإبادة التامّة لوجود الخصم، ومن أحد أنواع الأسلحة المعروفة هو رصاص الدمدم، فتعرف ما هو هذا الرصاص؟ ولماذا هو محرّم دوليّاً.
إنّ رصاص الدمدم هو ذلك النّوع من الرصاص الذي من شأنه أن يحد تغييرات مختلفة، فإمّا أن تنفجّر الرصاصة داخل الجسد محدثة شظايا فيه، وإمّا أن تعمل هذه الرصاصة على زيادة الضغط الجوي الذي حولها في داخل الجسد، ممّا سيَنتج عنه تفتيت للمكان الذي حوله والذي تُغرس فيه الرصاصة داخل الجسد، وأيّما كان الأثر الناتج عن رصاصة الدمدم يبقى من الأسلحة الخطرة جدّاً والمدمّرة والتي غالباً ما يصعب علاج و دواء الأثر الناجم عنها.
وبالرغم من معرفة الخطر الناتج عن السلاح بشكل عام ومهما كان الاختلاف في شكله وماهيّته ومع ما يحمله في نهاية الأمر من الأذى والشّر، يبقى رصاص الدمدم من الأسلحة التي تحمل في طيّاتها ذلك الأكبر والمضاعف، حيث لا يكتفي بشل حركة الخصم وقدرته على المقاومة في اللّحظة ذاتها فقط، وإنّما يتعدّاها لسلبه حياته وذلك من خلال إحداث جروح يصعب الشفاء منها، فالرصاصة العاديّة من الممكن القيام باستخراجها ومعالجة مكانها بصورة تضمن شفاء االمُصاب منها سواء أقصرت هذه المدّة أم طالت والذي يعتمد بدوره على موضع الإصابة، أمّا في حالة رصاصة الدمدم فإنّ انشطارها إلى شظايا عديدة داخل الجسد تجعل من استخراج هذه الشظايا ضرباً من المستحيل، فإن لم يمُت الضحيّة بسببها سيموت على الفور، وذلك بعد صراعه الشديد والطويل مع العذاب المُتعدّد بأشكال ألمه، ومن هنا جاء الإجماع على تحريمها دولياً، غير أنّ هناك مجموعة من الدّول والجماعات والأفراد لم يلتزموا بذلك التحريم الذي أجمع عليه المجتمع الدولي، وعلى رأسهم إسرائيل التي لا زالت تستخدمه ضد الشعب الفلسطيني في مقاومته المشروعة ضد احتلالها الغاشم لأرضه، ولا زالت مصانع الأسلحة تصنع أيضاً هذا النّوع من الرصاص المحرّم في السّر وأحياناً في العلانيّة، ضاربةً بتلك الطريقة عرض الحائط كافّة الأعراف الإنسانية.
وكما أشرنا سابقاً فإنّ السلاح يبقى سلاحاً في نهاية المطاف، فالسلاح النووي أو الكيماوي أو التقليدي يُسبب في نهاية الأمر الدمار والموت للبشر وللممتلكات، ولزم علينا وكما اعتبرنا الدمدم سلاحاً لا حضارياً أن نعتبر السلاح في نهاية المطاف مهما اختلف شكله ونوعه لا حضاريّاً أيضاً، وأن نعمل جميعاً على الحد من استخدام العنف، وإعادة الحقوق إلى أصحابها بالطرق ووسائل السلميّة، من دون الاستقواء والسيطرة على الآخرين بقوّة السلاح، والاحتكام إلى العدل والحق والمساواة في حل كافّة النزاعات والخصومات واختلاف وجهات النظر الحاصلة بين كافّة البشر.