عند سماع كلمة النانو يتبادر فوراً إلى الأذهان الأشياء المتناهية في الصغر التي لا تكاد تُرى إلّا بالأجهزة الحديثة والمتطوّرة، فالنانو في وحدات القياس يعادل الجزء من المليون من المتر ويسمّى هنا بالنانومتر، وهذا البُعد صغير جداً فهو أصغر من أن يكون بُعداً للبكتيريا والخلايا الحيّة، والنانو لا يقتصر فقط على قياس أبعاد الكائنات الدقيقة أو الخلايا الحيّة، فمع التطور التكنولوجي الذي شهدناه في الآونة الأخيرة تم تطوير تقنية جديدة تدعى بتكنولوجيا الناتو.
وتكنولوجيا النانو هي عبارة عن تقنية قائمة على إنتاج مواد من خلال تجميعها على المستوى الذرّي الصغير جدّاً، فكل مادّة تتكوّن من عدد هائل من الذرات والجزيئات فعند القيام بتبديل ذرّة مادّة ما مكان ذرّة مادة أُخرى سينتج مادّة جديدة مختلفة كليّاً عن المادّة السابقة ذات الخصائص فيزيائيّة وكيميائيّة جديدة، وهذه التقنية مهمّة جدّاً فهي الطريق أمام الإنسان لتطوير المّواد المختلفة والإستفادة منها.
وتقنية النانو كغيرها من التقنيات التي تواجهها العقبات، فقد واجه العلماء العديد من الصعوبات في السيطرة على الذرّات والجزيئات الناتجة من تفكيك المواد المتكوّنة منها، فالعمليات التي تتم على المستوى الذرّي تحتاج إلى أجهزة دقيقة جدّاً، كما أنّ عمليات القياس على المستوى الذرّي ومقدار التحكّم بها تواجه صعوبات كبيرة جدّاً، ويوجد لهذه الظاهرة أيضاً العديد من الآثار الجانبيّة والتي لا يمكن توقع مدى أثرها على الإنسان والبيئة.
وكانت بداية انتشار مصطلح تقنية النانو في الصناعات التكنولوجيّة الحديثة، فالرقاقات والبطاقات الموجودة في الأجهزة الحاسوبيّة تكون رقيقة جدّاً، ومن أهم استخدامات هذه التقنية هو تطوير الشرائح الإلكترونيّة المحتوية على المواد الإلكترونيّة الصغيرة جدّاً خاصّةً بعد أن تمّ اختراع الترانسيستر وإلكترونيات السيليكون، وهذه الشرائح الإلكترونية أسهمت بشكل كبير في تطوير صناعة أجهزة الحاسوب وأجهزة الإتصال، وكذلك الأجهزة الإلكترونية المختلفة، كما تمّ استخدام هذه التقنية في اختزال سُمك الكابلات والمكثفات، فبعد أن كان وزنها يقدّر بالكيلوغرام أصبح الآن وزنها لا يتجاوز أجزاء من الميللي غرام، ممّا ضاعف من قدرتها على نقل المعلومات وبالتالي إكساب الحاسوب سرعة أكبر في تنفيذ العمليّات.
وقد تمّ استخدام تقنية النانو في الهندسة واالطّب والكيمياء وغيرها في الكثير من المجالات، إلاّ أنّ هذا لا الامر لا يُرضي طموح العلماء، فهم يطمحون باستخدام هذه التقنية لعمل اختراعات خياليّة لا يمكن تخيّلها مثل: عمل سفينة صغيرة للإبحار داخل جسم الإنسان، وبالتالي سيتم إجراء العمليّات الجراحيّة دون الحاجة إلى الجراحة، أو أن يصنعوا طائرة بحجم البعوضة، أو صناعة أقمشة لا تُسرّب الماء.