القبعات
تُعرف القبّعات منذ القديم بأنّها تشكّل غطاءً يوضع على الرأس، إمّا بهدف الحماية كالقبّعات الشمسيّة، أو كمتمّمة للباسٍ معيّن كالقبّعات الرياضيّة أو العسكريّة أو الدينيّة، ونجدها أيضاً تُلبس كموضةٍ وخاصّة في أيّامنا هذه، إن كان بين الرّجال أو النساء. كان للبس القبّعات في الماضي مكانة مهمّة؛ إذ إنّها كانت تدلّ على علوّ مكانة المرء حسب شكلها وطريقة لبسها، وتدلّ على أوضاعه الماديّة، أمّا اليوم فنجدها تُستعمل بين عامّة الناس بطريقة عشوائيّة مزاجيّة بحتة، عدا عن تلك التي تحمل رمزاً دينياً أم عسكرياً، أو حتّى رياضياً.
على الرّغم من تعدّد أنواع القبّعات في العالم، وتعدّد أشكالها أيضاً، وحتّى رموزها، نجد اختلافاً في المواد التي تُصنّع منها؛ حيث نجد منها ما يُصنع من القشّ، وأخرى تُصنع من القماش، وأيضاً من الكتّان، وهنالك نوع يُصنع من البلاستيك، وما إلى هنالك من موادٍ تُستعمل للحصول على شكل قبعة مناسب.
قبّعة بنما
ذاع صيت قبّعة بنما، لدرجة أنّها أصبحت تُلبس من قِبَل مشاهير العالم، من علماء وفنانين، وشخصيّات اجتماعيّة بارزة، لدرجة أنّها استهوت كلّ ملوك العالم والرؤساء، فارتداها تشرشل، وخروتشوف، إضافة إلى روزفلت، وترومان. تُرى تعرف ما هو سرّ الانجذاب الكبير لارتداء هذه القبّعة ؟ وما هو سبب تسميتها وأين تُصنع؟
أصل قبّعة بنما
كان أوّل ما لفت نظر الإسبان عند وصولهم للقارّة الأمريكيّة الجنوبيّة، رؤيتهم السكّان هناك مرتدين أغطيةً يضعونها على رؤوسهم، وهي مصنوعة من قشّ نباتٍ يُعرف باسم CarludovicaPalmata، وكان ذلك في القرن السادس عشر للميلاد، وقد أثّرت هذه الأغطية في نفوس الإسبان، ما جعلهم يشجّعون سكّان إسبانيا على صنعها وإنتاجها يدوياً .
صناعة قبّعة بنما
لم يأتِ عام 1800 ميلادي، حتّى تطوّرت هذه الأغطية لتأخذ شكلّ قبعة، فعُرفت باسم (قبعة بنما)، وكانت تُصنع هذه القبّعة من شجرة Toquilla، وهي إحدى أنواع شجر النخيل، وقد امتهن حرفة صناعتها سكّان بلدة مونتكريستي الموجودة في دولة الإكوادور، وعلى الرّغم من أنّها كانت تُصنع في دولة الإكوادور، إلاّ أنّ العمّال الذين كانوا يعملون في قناة بنما، كانوا يرتدونها من اجمل وافضل حمايتهم من الشمس وأشعّتها الحارّة، ما جعل أغلب التجّار يقومون باستيرادها وعرضها للبيع في موانئ بنما، ما دفع أغلب المسافرين عن طريق هذا الميناء أن يبتاعوها ويصطحبوها معهم إلى بلادهم، لتعمّ أرجاء العالم، ولنجدها بعد فترة قصيرة تُعرض في مدينة باريس الفرنسيّة ضمن معرضٍ عالمي، ونالت على اهتمام بالغ من قِبَل المواطنين، واشتُهرت على أنّها قبعة بنما لا قبعة الإكوادور.
ويُذكر أنّه في ظلّ الحرب الدائرة بين الإسبان والأمريكان التي حصلت في عام 1898م، طلبت الحكومة الأمريكيّة من دولة الإكوادور أن تقوم بصُنع ما يقارب الخمسين ألف قبّعة كي تُلبسها لجنودها المتوجّهين للبحر الكاريبي، وما إن انتهت هذه الحرب الإسبانيّة الأمريكيّة، حتّى تراجعت شعبيّة قبعة بنما .
يُذكر أيضاً، أنّ صناعة القبّعة الواحدة كانت تستغرق فترة تمتدّ من شهر حتّى ستّة أشهر أحياناً، وما يميّزها بأنّ كلّ واحدة تختلف بشيء بسيط عن الأخرى، نظراً لليد التي قامت بتصنيعها، وتُعتبر اليوم إحدى الفنون التراثيّة التقليديّة والثقافيّة لدولة الإكوادور .