المدرسة
المدرسة ذلك المكان الذي ننشأ فيه وتتشكل فيه شخصياتنا، بها نخطو أولى طرق وخطوات استقلاليتنا، تبرز فيها مسؤوليتنا، وفيها تتكوّن أناتنا بعيداً عن أعين رقابة الأهل، أو لنقل أنها بحرية أكثر، فيها ننتقل من اعتمادنا الكلي على أهلنا والمحيطين بنا، إلى الاعتماد على أنفسنا وذواتنا، فنختار ما نأكل، ومن نرافق، وكيف نعامل من حولنا، وفيها نحتاج إلى أن نصقل علاقاتنا الاجتماعيّة بمن حولنا.
الفتاة الاجتماعيّة في المدرسة
الخطاب هنا موجه للإناث تحديداً، علاقتك بمن حولك علاقة حساسة تحتاج منك الحذر تارةً، والمبادرة تارة أخرى، والتواضع تارة، والترفع تارة أخرى، فكيف يمكنك الموازنة بين تلك الأدوار في تكوين شخصية اجتماعية في المدرسة؟ في البداية لنقل إنّها تقع على عاتق الأهل؛ ففي أولى المراحل الدراسية، يتحمل الأهل جانباً في بناء شخصية الطفل تبدأ في إعداد المواقف التي تضمن بناءً سويّاً للشخصية، فمثلاً يمكن للأم تحضير وجبة خفيفة لطفلتها تشاركها مع زملاء صفها، أو أن تُجهّز هدية متواضعة بالمناسبات الموسمية لتوزيعها على صفها أو معلمات مدرستها؛ كالتمر في بداية رمضان، والحلوى في الأعياد وغيرها من المناسبات، أو أن تعدّ إفطاراً اضافياً أو فاكهة تأخذها لزميلة فقيرة أو محتاجة .
مع تقدّم الفتاة في السن تظهر متطلبات أخرى تتدخل في تكوين علاقاتها الاجتماعية في المدرسة، كما أن شروط تكوين الصداقات تتمحور بطريقة أخرى وضمن قواعد ومبادئ قد يكون للبيئة التي نشأت فيها الفتاة دور هام في تحديدها، ولنكن على يقين أنّ الفتاة التي اكتسبت مبادئها على أساس الإقناع و ماسك تكون أكثر رسوخاً من تلك التي أجبرت عليها.
من الطرق ووسائل التي يمكن أن تجعل الفتاة اجتماعية في المدرسة، ما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ، أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ " فإفشاء السلام، والتبسم في وجوه الآخرين من أيسر السبل للدخول إلى قلوبهم. كما أنّ قدرة الفتاة على تذكر الأحداث المهمة بمن حولها طريقة لتزيد من شعبيتها في قلوب المحيطين بها فمثلاً تراها تسأل عن صحة المريض من زميلاتها، وتساعد من تحتاج إلى المساعدة، وتشاطر الآخرين بهمومهم وأفراحهم، ومحافظة الفتاة على الحدود بمن حولها يجعلها محطّ الاحترام والتقدير عند الآخرين .
كما أنّ على الفتاة الحذر من بعض الفتيات اللواتي ربّما جعلن من مفهوم وتعريف ومعنى الاجتماعية تمادياً في الحدود، وتزيين ما لا يناسب بيئتها ومعتقدتها، بل تحاول أن تبادر في المواضع التي تراها مناسبة، وتناقش والدتها أو أخواتها فيما يعترض سبيلها من المواقف التي تحيرها. كما يجب أن تتواضع أمام زميلاتها التي ربّما كانت أقدر منهم أكاديمياً أو أجدرهم معرفةً وثقافة، كما أن الترفُّع عن الإساءة والتجاوز عن المخطئ من أبرز الأمور التي تعزز في تكوين الشخصية الاجتماعية .
عزيزتي الطالبة المدرسة ميدانك الأول متى ما تجاوزتيه كنت على غيره أقدر، ثقتك بنفسك، وبالآخرين وتوقّع حسن النية من أفعال الآخرين بتوازن خير وسيلة لحياة مدرسية ناجحة، كما أن تميزك العلمي والأخلاقي مسبباً رئيسياً لنجاح علاقتك الاجتماعية.