حفظ القرآن الكريم
إنّ من أعظم الهبات التي قد يحصل عليها الإنسان في حياته، هي حفظه للقرآن الكريم كاملاً، فحافظ القرآن مُقدّم بين الناس، والجميع يجلّونه، ويحترمونه، ويُعلون من شأنه، وكيف لا! وهو حافظ، وقارىء لكتاب الله عز وجل، الذي أنزل على نبيّه من سبع سماوات.
الأجر العظيم الذي يتأتى من قراءة القرآن، يدفع الإنسان للإقبال على حفظه كاملاً، ولكن تعرف على ما هى المدة الزمنية اللازمة لحفظ القرآن الكريم؟ وهل من الممكن حفظه خلال شهر واحد فقط؟
حفظ القرآن الكريم في شهر واحد
هناك ثلاثون يوماً في الشهر، وهناك ثلاثون جزءاً في القرآن الكريم، إذاً حتى يتمكن الشخص من حفظ القرآن في شهر كامل، عليه حفظ جزءٍ واحد من القرآن في اليوم، ولكن الأمر يحتاج للاستعداد، ووضع الخطة، والمراجعة، كالتالي:
الاستعداد
إنّ هذا الشهر يحتاج إلى تفرغ كامل من الشخص، لأنّ ضغوطات العمل، أو الدراسة، أو غيرها من مشاكل وعيوب الحياة، قد تؤثر على تفكير الشخص، وبالتالي اضطرابه، وعدم قدرته على الحفظ والاستيعاب، فيجب أن يتفرّغ الشخص تماماً لهذا الشهر.
خطة الحفظ
كما ذكرنا فإننا بحاجة لكل يوم في هذا الشهر؛ لأنّنا خصصنا يوماً لكل جزء في القرآن، وبالتالي ستكون الخطة مُعدّة على يوم واحد، ومن ثم تكرار هذه الخطة على جميع أيام الشهر، حتى يوم الثلاثين منه، والذي بالوصول إليه سنكون قد حفظنا ثلاثين جزءاً، أي حفظ القرآن كاملاً.
الجزء الواحد من القرآن يحتوي على عشرين صفحة، وبالتالي سنتعامل مع الجزء بالصفحات، وليس بالسور، وذلك لأنّ أطول سور القرآن الكريم وهي سورة البقرة تتجاوز الجزئين، وأقصر سورة فيه وهي سورة الكوثر لا تتعدى السطرين، وبالتالي يصعب معه اتباع طريقة حفظ السور، وعليه سنتبع طريقة تقسيم الجزء إلى عشرين صفحة.
يُفضّل أن يكون الحفظ في النهار وليس في الليل، حتى يكون للإنسان القدرة على الاستيعاب، حيث يستقظ على أذان الفجر، ويقوم بقراءة أول عشر صفحات من أول جزء، قراءة جيدة، ومتمعّنة، وهذه مرحلة تحضيرية للحفظ، فالكثير منا من يجد صعوبة في قراءة القرآن، فكيف في حفظه! وبالتالي وبعد أن يقرأ العشر صفحات، يبدأ بحفظها، وبعد تيقنه من حفظها يعطي لنفسه فترة للاستراحة من الحفظ.
بالنسبة للعشر صفحات المتبقية، فإنّه يقوم بحفظها بعد صلاة العصر، ويكرّر نفس الأمور التي فعلها مع العشر صفحات الأولى، وبعد أن ينتهي منها يكون بذلك، قد حفظ عشرين صفحة، أي جزء كامل.
المراجعة
إنّ مراجعة الحفظ أمر هامّ جداً؛ لأنّ الإنسان قد يقع بالنسيان، وبالتالي يضيع ما حفظه، ويخسر تعبه وجهده، وعليه لابد من المراجعة المستمرّة، ويتم ذلك من خلال تكرار ما حفظه في هذا اليوم عن طريق قراءته بالصلوات المفروضة، حتى وإن أطال في صلاته.
كما أنصح بأن يقوم في نهاية كل يوم بالاستماع إلى الجزء الذي حفظه في هذا اليوم من خلال أحد المقرئين، حتى يترسّخ ما حفظه، ويستمر بتكرار هذا الجزء طيلة اليوم، وكلما سنحت له الفرصة لذلك، حتى يبقى راسخاً في قلبه.
بالنسبة لتراكم الأجزاء التي حفظها وحتى لا ينساها الشخص، أنصح بمراجعة جميع الأجزاء بعد حفظ خمسةٍ منها، أي بعد اليوم الخامس، ثم بعد اليوم العاشر، ثم بعد اليوم الخامس عشر، ثم بعد اليوم العشرين، ثم بعد اليوم الخامس والعشرين، ثم بعد اليوم الثلاثين.
لافتاً الانتباه إلى أن حفظ ذلك الكم من الأجزاء، سيجعل من الصعب مراجعته كله في يوم واحد، ولكن، كلما ضغط الإنسان على نفسه، وتذكّر نبل الغاية، وحلاوتها وجمالها، سيزيد ذلك من عزيمته، ويجعل من الأمر ممكناً.