الحب في حياة الإنسان
يبحث الإنسان عن الحب طيلة حياته؛ يالبحث عن أمرٍ يجهل طبيعته ولكنه يشعر بحاجته الشديدة إليه، هو لا يعرف ماذا يريد ولا ما سيفعل الحب له، ولكنه بشكلٍ غريزي يبحث عنه؛ لأنه يؤمن تماماً بأن هذا الحب هو الذي سيرتقي به إلى مرتبة أعلى، سيرفعُه لأن الحب له الكثير من المعاني السامية. الخوف هو الدافع الرئيسي للالبحث عن الحب وإيجاده، فالإنسان بطبيعته يخاف من الوحدة، يخاف أن يعيش وحيداً وأن يبقى وحيداً أو أن يموت وحيداً، فهو يبحث عمَّن يُشاركه حياته ويبقى معه؛ حتى لا يشعر بالوحدة في مراحل حياته المختلفة، سواء شاباً أو كهلاً أو عجوزاً. الإنسان عندما يالبحث عن الحب؛ فهو لا يالبحث عن إنسانٍ كامل ليكون معه، بل يبحث عمَّن يفتقر إلى المواصفات التي يريدها في شريك حياته، فهو بدون وعي ولا إدراك؛ عندما يضع المطرق ووصفات والمقاييس التي يريدها في الشخص الذي يُريدُ أن يُحبه؛ يبدأ بالالبحث عن هذا الإنسان، ولو افترضنا أنه وجده؛ فإن هذا الأمر لن يُرضي غروره، فمتعة الحب عنده في البحث الدائم. ولذلك فهو بشكلٍ غير واعٍ يقوم بالالبحث عن نقيض معاييره أو على الأقل يفتقر إلى الكثر منها، فهو يُدرك بشكلٍ لا شعوري بأن الحب هو الالبحث عن الكمال، وهو يُريدُ أن يجعل من الشخص الذي وجده هو الشخص الكامل، فبدلاً من إيجاد شخصٍ يتمتَّع بالمواصفات المطلوبة؛ فهو يقوم بإضافتها إلى هذا الشخص وجعله كاملاً.
الفشل في العلاقات العاطفية
إن الفشل المتكرر في العلاقات العاطفية؛ هو من الأمور الشائعة وخصوصاً عند الشباب من سِنِّ المراهقة وحتى منتصف العشرينات، فآلية الالبحث عن الحب تكون غير متبلورة جيداً؛ ويكون في حالة تخبُّط، فهو يُريدُ أن يجدَ حبيباً وبأسرع وقت، وهذا له علاقة بطريقة التنشئة والعلاقات الإجتماعية والمجتمع الذي يعيش فيه. ولكن هذه الفشل المتكرر يأتي غالباً من الشخص نفسه، فهو لا يثقُ بنفسه كي يكون الحبيب المطلوب للطرف الآخر، فهو لا يُعطي نفسه التقدير الذي تستحقه، بل يُعطيها أقل مما تستحق بكثير؛ ويرى أن الطرف الآخر هو أعلى منه بكثير، وربما يظُنُّ بأنه جداً محظوظ كونه حظِيَ بهذا الشخص؛ فيبدأ في التصرُّف بدونية تدفع المحبوب إلى الإبتعاد عنه. الأنسان الذي يعتقد بأنه لا يستحق الحب؛ سيفشل حتماً في كل العلاقات العاطفية التي خاضها والتي سيخوضها مستقبلاً، فالإنسان الذي يظُن بأنه لا يستحق السعادة فإنه لن يجدها، ولو وجدها فإنه لن يعيشها، ولو عاشها لفترة؛ فسيظن بأن أمراً سيئاً سيحصل له بسببها. انعدام الشعور بالأمان عند الإنسان؛ يدفعه إلى الفشل في علاقاته العاطفية، فعدم إحساسه بالأمان الشخصي والوظيفي أو من جهة الشريك؛ ستدفعه إلى خسارة هذه العلاقة بشكلٍ مؤلم، فالشريك الذي يرى بأنك لا تشعر بالامان في عملك، أو أنك تعتقد بأن إنسان ضعيف لا يستطيع حماية نفسه؛ أو لا تشعر بالأمان من شريكك فتُكثر من الشك فيه ومراقبته بعين التجسس؛ فهذه الأمور مدعاة إلى ابتعاد الشريك وفشل العلاقة.
حب الذات أساس النجاح في العلاقات العاطفية
حتى تجِد الحب لا بد وأن تُحب نفسكَ أولاً، فكيف تتوقع من أي شخصٍ أن يُحبك وأنت لا تحب نفسك في الأساس؟ اقتنع بأنك إنسانٌ تستحق السعادة والفرح، وتستحق أن تعيشهم في كل لحظات حياتك، الفرح والسعادة تدفع إلى التفاؤل، وهذا ما ستجد أن الطرف الآخر يبحث عنه في شريك حياته. لن تجدَ شخصاً يحترمك إذا كنتَ أنتَ لا تحترم نفسك، فاحترم نفسك في البداية؛ حتى تجدَ الإحترام الذي تستحقُّه من المُحيطين بك، فالإنسان الذي لا يحترم نفسه ولا يُقدِّرها حق قدرها؛ سيكون محطَّ سُخرية واستهزاء المُحيطين به، ستضيع حقوقه ولن يكون جديراً بأن يُحاول أحدٌ الإحتكاك به. فهذا النوع من الأشخاص لن يكون محطَّ اهتمام النساء أو مُثيراً لإعجابهن، فسيجد مثل هذا الشخص بأن النساء تبتعد عنه، والمشكلة كاملة تكمُن فيه وحده، فيجب أن يكون إنساناً ذو موقف، يحبُّ نفسه ويحترمها؛ ولا يسمح لأحدٍ بأن يُهينه أو يستهزء به مهما كانت الما هى اسباب والعواقب. الشعور بالأمان يدفع الطرف الآخر إلى الإقتراب منك، فحين تكون تشعر بالأمان في عملك؛ فأنتَ إنسانٌ واثِقٌ تقوم بعملك على أكمل وجه، ولذلك لن تخسر وظيفتك مهما تأثرت الشركة التي تعمل فيها بالعوامل الإقتصادية المختلفة، فأنت مهمٌ جداً لهم ولأداء أعمالهم. إحساسك بالأمان الشخصي يدفع الطرف الآخر إلى الثقة فيك، فأنت تستطيعُ حماية نفسك والذَّوْد عنها في كل المواقف، لا نعني بهذا الأمر هو المسارعة إلى افتعال المشاجرات والضرب وخِلافه، بل يكون الإنسان مُسيطراً على عواطفه متحكِّماً بتصرُّفاته، ولا يسمح لأحدٍ بالتهجُّم عليه، يستطيع الدفاع عن نفسه بأدبٍ وأخلاق. الإنسان القادر على حل مشاكله هو أهلٌ للثقة، فيجب على الإنسان الذي يالبحث عن الحب أن يبدأ في حل مشاكله العائلية والمشاكل وعيوب بينه وبين أصدِقائه، فهذا وإن لم يُفلِح في المرة الأولى؛ فإنه سيُعطيه خبرة لحل المشاكل وعيوب التي ستواجهه في المستقبل.
المحافظة على الحب
بقدر تعرف ما هو صعبٌ الالبحث عن الحب وإيجاده؛ فإن الأكثر صعوبة هو المحافظة عليه وعلى استمراره، فكما قالوا قديماً "الوصول إلى القمة سهل، ولكن الصعب هو المحافظة على البقاء فيها". فإن وجدت الحب الذي تبحث عنه وبدأتْ حياتك فيه؛ فأنت فِعلاً وصلتَ إلى القمة في حياتك العاطفِية، لأن هذا الشخص الذي يُشاركك حياتك الآن؛ يمتلك أعلى المواصفات التي كنتَ تبحث عنها طيلة حياتك. أنتَ الآن في القمة، حافظ عليها بكل ما أوتيتَ من قوة، إن أي انحرافٍ لكَ عن هذه القمة هو بداية النهاية لهذا الحب، فانتَ لست متمسِّكاً بحبك، والحب لا يترك الإنسان إلا إذا سمح له الإنسان بالذهاب. الثقة من أهم العوامل التي تؤدي إلى استمرار الحب والمحافظة عليه، لا تفقد الثقة في شريك حياتك مهما كانت الأسباب، إن بادر الشك إلى قلبك؛ فحاول أن تتبيَّن حقيقة الأمور قبل أن تقوم بأي تصرُّفٍ تندم عليه فيما بعد، لا تُسيء قراءة لغة جسد الشريك في اى الأمور وخصوصاً التي تمسُّ الثقة بشكلٍ مباشر، لأن الثقة هي طريقٌ ذو اتجاهين، إن أغلقت طريقك فستحدُثُ أزمة خانقة في حياتكما العاطفية.
الحب مثل الماء، ويكون الماء في احسن وأفضل حالاته للإستعمال الشخصي حينما يكون دافئاً، ولكن إن زادت حرارته كثيراً فإنه سيحرق صاحبه تى الموت، وإن خبت هذه الحرارة بردَ الماء ووصل إلى مرحلة الإنجماد، وهو في هذه الحالة أيضاً يكون قاتِلاً. حافظ على حرارة الحب معتدلة بينك وبين الشريك بالقيام بالأمور الجديدة والإبتعاد عن الروتين، قم بأمورٍ جديدة مع شريكك مرة في كل أسبوعين على الأقل. الهدايا لها مفعول السحر على الشريك، فهي تُعطيه إيحاءاً بأنك تُكِنُّ له مشاعراً كبيرة، وأن هذا الحب والمشاعر لم تخبو مع الزمن. الإجازات وقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع الشريك؛ ستقوي العلاقة وتزيد من تماسكها، كما أن قضاء الوقت في البيت مع الشريك يُعطيه شعوراً بحاجتك إليه، والإنسان بطبعه يميل إلى البقاء مع من يجتاحه أو يحتاج أن يكون معه كل الأوقات.