بلا شكّ بأنّ الرّجل و المرأة و حين يقدمان على اختيار شريك حياتهما ، فأنّه يستحوذ على تفكيرهما مسألة تحقيق السّعادة فيما بينهما و العيش بسلامٍ في أسرةٍ تملؤها معاني الودّ و الرّحمة و السّكينة ، و كلّ تلك المعاني الجميلة لا تتحقّق يدون وجود توافقٍ بين الزّوجين بنسبةٍ عاليةٍ ، فالتّوافق التّام من الصّعب أن يحصل لاختلاف طبائع البشر ، فضلاً عن وجود اختلاف أكّده العلماء بين تركيبة عقل الرّجل و المرأة ، فالرّجل بطبعه يغلب جانب العقل عنده على جانب العاطفة ، بينما المرأة يغلب جانب العاطفة عندها على جانب العقل ، لذلك رأينا الشّرع الحكيم يعطي الرّجل الحقّ في الطّلاق إذا استفحل الأمر بينه و بين زوجته ، فالرّجل بطبعه حين يقدم على اتخاذ قرارٍ مصيريٍّ مثل قرار الطّلاق فإنّه يفكّر ألف مرةٍ في ذلك ، بينما المرأة قد تتعجّل و تتخذ القرار بدون التّفكير في عواقبه و نتائجه .
و إنّ الاختلاف بين الرّجل و المرأة بلا شكّ يثري الحياة الزّوجية و يضفي عليها معاني جميلةٍ ، كما يكون كلّ طرفٍ من أطراف الحياة الزّوجيّة قادراً على أن يؤدّي دوره المنوط به بكلّ اقتدار ، فالمرأة بما تتمتّع به من حنانٍ و رحمةٍ تكون أكثر قدرةٍ على منح تلك المعاني من الرّجل ، و كذلك الرّجل حين تتوفّر فيه صفات الرّجولة فإنه يكون قادراً على أداء المهام الصّعبة في الأسرة مثل النّفقة و تحصيل الرّزق ، و إذا عرف كلّ طرفٍ من أطراف الحياة الزّوجيّة ما له من حقوق و ما عليه من واجبات و أدّاها على أكمل وجهٍ تحقّقت السّعادة بين الزّوجين في الأسرة .
كما أنّ من سبل تحقيق السّعادة بين الزّوجين ادراكهما بأنّ سبل حلّ المشكلات و الخلافات لا تكون بالسبّ و التّجريح و الصّراخ و غيرها من الوسائل ، و إنّما تكون السّعادة حين يدرك كلّ طرفٍ أنّه عرضة للخطأ ، و أنّه لا يوجد إنسانٌ معصومٌ من الزّلل إلا من عصمهم الله من أنبيائه ، فبالتّالي و من منطلق هذه الإدراك يحرص كل طرفٍ على تجاوز أخطاء شريكه ، و التّحلي بأخلاق التّسامح و الغفران ، و فهم كلّ طرفٍ للآخر فهماً عميقاً يستطيع من خلاله معرفة ما يحبّ و يكره ، و بالتّالي تجنّب ما هى اسباب الخلاف و تحقيق السّعادة .