لا يخفى على أحدٍ فضل الجماعة و الاجتماع في ديننا الإسلامي ، فيد الله مع الجماعة ، كما أنّ قوّة الأمّة و ومنعتها لا تتأتّى إلاّ عندما يكون المسلمون جماعاتٍ متوحّدين كالبنيان المرصوص ، فالفرد مهما بلغت قوّته فإنّه غير قادرٍ على العطاء كما لو كان مع غيره من النّاس ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم فضل الجماعة حيث حذّر من التّفرّق و التّشرذم ، و بيّن أنّ الذئب إنّما يأكل من الغنم القاصية البعيدة عن القطيع ، كما شبّه المسلمين بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضوٌ تداعي له سائر الجسد بالسّهر و الحمى ، كما شبّه النّبي عليه الصّلاة و السّلام المسلمين في عطائهم كالنّخلة التي لا تثمر إلا إذا كانت في جماعة ، فالجماعة في ديننا مطلوبةٌ في العمل و العبادة و الجهاد في سبيل الله .
و إنّ الجماعة في المساجد لها فضلٌ كبيرٌ ، فإلى جانب أنّ المسير إلى المساجد هو عبادةٌ في حدّ ذاته حيث بكلّ خطوةٍ للمسلم ترفع له درجةٌ و تحطّ عنه خطيئة ، فأنّ الانتظار بين الصّلاة و الصّلاة هو من أنواع الرّباط في سبيل الله ، و قد بشّر النبّي صلّى الله عليه و سلّم المشّاءين إلى المساجد في الظّلمات بالنّور التّام يوم القيامة ، و كذلك كان من بين من يظلّهم الله بظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه ، رجلٌ قلبه معلّق بالمساجد ، و إنّ صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبعة و عشرين درجةٍ في الأجر و الثّواب ، كما أنّ لحضور الجماعات في المساجد دورٌ في إحياء مكانة المساجد في الإسلام حيث كانت منطلقاً لإعداد الجيوش و تجهيزها و اتخاذ القرارات المصيريّة للدّولة الإسلاميّة ، كما أنّ في اجتماع المسلمين في الصّلوات بثٌّ لروح التّكافل و التّعاضد و التّراحم ، فبماذا تدرك صلاة الجماعة في ديننا ؟
قال النّبي صلّى الله عليه و سلّم من أدرك ركعةً من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة ، و هذا حديثٌ واضحٌ في أنّ المسلم المسبوق يدرك مع الإمام صلاته إذا أدرك ركعةً من الصّلاة و هذا قول فقهاء المالكية ، و قد رأى سواهم من الفقهاء أنّها تدرك إذا كبّر المسبوق لدخول الصّلاة قبل تسليم الإمام ، و الله تعالى أعلم .