رحمة الله تعالى
الرحمة صفةٌ من صفات الله عز وجل، وهذه الرحمة كاملة لا يصيبها العجز أو النقص كتعرف على ما هى الرحمة الموجودة في قلوب بعض البشر، وقد وسعت رحمة الله تعالى العباد في كل شيء، فلقد أرسل عز وجل الرسل والأنبياء إلى البشر من أجل هدايتهم وبيان طريق الصواب لهم رحمةً منه عز وجل بالعباد.
لم يعذِّب الله عز وجل المخطئين من دون أن يبيِّن لهم طريق الصواب وطريق الخطأ، ثم يسلك الإنسان ما يشاء وبناءً عليه تتم محاسبته، وقد كان هؤلاء الرسل والأنبياء رحيمين بالعباد ويدعونهم بالموعظة الحسنة بعيداً عن التعصّب والكراهية والبغضاء، قال تعالى ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين ))، وهذه الآية تدل بشكلٍ واضِحٍ على أنَّ الرسالة التي يحملها الأنبياء والرسل تعرف على ما هى إلّا رحمةً من الله تعالى للعباد.
قد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم متصفاً بخلق الرحمة في أشد الأوقات العصيبة، حتى عندما عذبوه قريش وأخرجوه من موطنه مكة المكرمة إلّا أنه كان دائم الدعاء لهم.
آثار رحمة الله تعالى بعباده
وعد الله تعالى عباده المخطئين بفتح باب التوبة لهم قبل غرغرة النفس، وقبل طلوع الشمس من مغربها، وهذا من رحمته عز وجل بعباده وإعطائهم الفرص لإنقاذ أنفسهم من عذاب جهنم.
من صور رحمة الله تعالى إخراج الزرع من الأرض بعد أن كانت ميتة لايوجد فيها أي مظهرٍ من مظاهر الحياة، وعندما ينزل الغيث برحمته عز وجل تنمو النباتات وتحيا الكائنات الحية.
كما قسَّم الله تعالى اليوم ليلاً ونهاراً، فالليل سكونٌ وراحةٌ، والنهار نشاطٌ وعملٌ واجتهادٌ، فلو كان اليوم كلّه ليلاً لما استطاعت الكائنات الحية ممارسة حياتها بغياب الضوء ولتجمدت الأرض، كما أنَّ اليوم لو كان كله نهاراً لبقيت الكائنات الحية في تعبٍ ومشقةٍ ولحرقت الأرض بفعل أشعة الشمس.
من يلجأ إلى رحمة الله تعالى ويقتنع بها، فإنها تغنيه عن رحمة كل من في السماوات والأرض، فرحمة الله أوسع وأشمل، ويشعر فيها العبد حوله ومعه في كل مكانٍ وفي كلِّ زمان غير منقطعةٍ.
كما أنَّ العبد بذلك يسارِع إلى التقرّب من الله عز وجل للفوز برحمته، التي إذا أرسلها الله لأحد فلا منقطع لها، بينما إذا قطعها عن أحد فلا مرسل لها، فيبقى العبد بين الرّجاء والأمل. اختص الله تعالى نفسه بتسعةٍ وتسعين بالمئة من الرحمة ووزَّع واحداً بالمئة من هذه الرحمة على جميع الخلق.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ ).