الإنسان مخلوق متقلّب في تصرفاته، فهو لا يمكن أن يسير على الدوام على نهجٍ واحد فقط لا يحيد عنه؛ بل إنّه يتذبذب بين الخير والشر بين الإحسان والإساءة، فهذه هي طبيعة البشر، فالبشر محكومون بالعديد من العوامل المختلفة والمتنوّعة التي تؤثّر وبشكل كبير جداً على التصرّفات التي يصدرون عنها؛ حيث إنّ من أبرز العوامل التي تؤثر عليهم في تصرّفاتهم المختلفة والمتنوّعة موضوع التربية والبيئة والظروف الّتي تحكمهم، بالإضافة إلى عوامل أخرى كثيرة تحكم هذه التصرّفات على اختلافها واختلاف أنواعها وتفصيلاتها.
قد يقع الإنسان بسبب العوامل السابقة الذكر في العديد من الأمور التي تكون عظيمة عند الله والّتي تعد من الكبائر، فكلّ إنسان معرّض للوقوع في إحدى هذه الكبائر لأنّه بشر يخطئ ويصيب، فلا يجب أن ننبذ هذا الشّخص الذي وقع في كبيرة من الكبائر، بل يتوجب أن نأخذ بيده حتّى ينهض من جديد معافىً من هذه المعصية، ممّا يجعل حياته حياةً احسن وأفضل على كافة المقاييس؛ فالكبيرة تبعد الإنسان عن الله – عزّ وجل –، وتقلّ من سيطرة الإنسان على نفسه، وتزيد من سيطرة الشيطان عليه، لهذا السبب فالأخذ بيد الإنسان العاصي هو من احسن وأفضل الأعمال ومهما كانت معصيته التي عصاها، فكلّ من ضل الطريق وبدلاً من نبذه وإلقائه جانباً يتوجب أن يأخذ الناس بيده وبشكل كبير جداً حتى يعيدوه إلى جادّة الصواب، فالمجتمع أفراده متعاونون متراصّون لا يترك بعضهم بعضاً ليهلكوا، فلو هلك فرد من الأفراد هلكوا جميعاً.
الحكمة من التوبة
باب التوبة مفتوحٌ أمام العصاة مهما عظمت ذنوبهم وذلك لأنّ هذا الأمر سيجعل الأمل أمامهم، فمبدأ محاصرة الإنسان من كافّة الزوايا والاتجاهات يزيد من تعقيد الأمر، فمن يشعر أنّه محاصر من جميع الاتجاهات فإنه لن يهتمّ بأي أمر آخر، فلن يبالي فيما إذا تضاعف ذنبه أم لا، فهو يعتقد أنّه هالك لا محالة، ممّا سيسبّب له الدمار والهلاك. من هنا تجلّت رحمة الله تعالى، فمهما بلغت معاصي الإنسان وذنوبه، فإنه يعلم أنّ طريق الرجوع مفتوح أمامه وسيقبله الله تعالى إن كان مخلصاً في توبته ورجوعه عن هذه الكبيرة أو المعصية الّتي أقدم على فعلها طيلة الفترة الماضية وحتّى لو مرة واحدة فقط.
ولذلك إنّ التوبة تكون عن طريق الاعتراف بالذنب كخطوة أولى، ثمّ بعد ذلك يجب أن يحصل الندم في قلب المذنب المخطئ، وأخيراً يتوجّب عليه أن يعيد النظر في طبيعة أعماله الّتي يقوم بها؛ حيث يتوجّب عليه وعلى كلّ شخص آخر أن يزيد من نسبة الأعمال الصالحة حتّى ترتفع قيمته عند الله تعالى.