في شهر رمضان يكون الركن العظيم من أركان الإسلام وهو ركن الصيتم، فقد ارتبط اسم شهر رمضان بشهر الصيام، وأيضاً بشهر القرآن، لأنّ الله أنزل القرآن على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأنزلهُ جملةً واحدةً في ليلة القدر، وفي شهر رمضان يكون الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وعن سائر ما يؤدّي بالمسلم إلى الفطر وهذا الإمتناع يكون من وقت آذان الفجر إلى وقت غروب الشمس، والمسلم ينأى بنفسهِ عن الوقوع في المحرّمات التي تُذهب بصيامه وتذهب بالأجر في شهرٍ يكون العاقل فيه أشدَّ حرصاً على الاستزادة من الخير والنأي بنفسهِ عن الوقوع في الزلل.
ولكن لا يخلو إنسانٌ من خطأ فكلّ إبن آدم خطّاء وخيرُ الخطَائين التوابون، والذي يُقبل على الله بالتوبة النصوح لا شكّ أنَّ الله لا يُضيعُ أجرَ المُحسنين، ودائماً ما ترى أنَّ من رحمةِ الله عزَّ وجلَّ بِنا أن يجعلَ لنا بعدَ كُلِّ طاعة مجالاً لتسديدِ الأخطاء والتجاوز عن الزلل والنقص، فترى بعد الصلاة وهي العبادة العظيمة وجود الإستغفار وهو أن تلجأ إلى الله بطلب المغفرة عن أي تقصيرٍ بَدَرَ منكَ دونَ أن تقصد هذا الخطأ فأنت لو أخطأت بركن كان واجباص عليك أن تأتي بهعلى كلّ حال ولا يكفي الإستغفار وحده في ذلك.
الحكمة من زكاة الفطر
وكذا الحال في الصيام، فمن الرحمة التي منحنا الله إيّاها أن جعلَ لنا زكاةً للفطر فهي طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، ويكون اخراج هذهِ الزكاة قبل صلاة العيد، إذن فالحكمة الظاهرة لهذه الزكاة ( وهي زكاة الفطر) هو تطهير نفس الصائم، وجبر الخطأ والزلل الذي حدَثَ أثناء الصوم، ويكون إخراج هذهِ الزكاة واجباً فرضاً على كُلِّ مُسلم، ولا تسقط عنه بأي حالٍ من الأحوال، حتّى لو نسيها كانَ عليهِ أن يؤدّيها حين يَذكرها، ودليل وجوب هذهِ الزكاة من السنّة المطهّرة والتي نستشفّ منها الحكمة من تأدية هذهِ الزكاة الحديث الذي رواه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين . من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ".
ويكون إخراج زكاة الفطر عن كلّ مسلم وفي الوقت الذي أراده الله فيه، وبعض العلماء قال أنّه يكون إخراجها حتّى عن الجنين في بطن أمّه، واقتران اسم الزكاة بهذهِ الشريعة العظيمة دليل على فرضيّتها، ويتضّح ذلك من حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلو تأخرت عن وقتها لكانت صدقة من الصدقات.