لا شكّ بأنّ حياة المسلم كلّها عبادة فهو يتقلّب في هذه الحياة الدّنيا ما بين يقظة يمارس فيها أنواع مختلفة من الطّاعات، ونومٍ وراحة بعد يومٍ مضن متعب، قال تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين )، وإنّ المسلم في حياته يختلف اختلافًا بينًّا عن الكافر الذي يعيش كالأنعام يأكل ويتمتّع دون أن يدرك معنى الحياة الدّنيا وحقيقة الامتحان والابتلاء الذي يتعرّض له الإنسان فيها، قال تعالى (والذين كفروا يتمتّعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنّار مثوى لهم ) .
أكّد النّبي عليه الصّلاة والسّلام أهميّة حياة المسلم، كما بيّن كيفيّة الحصول على الأجر في كثيرٍ من السّلوكيّات التي يمارسها المسلم في حياته وإن لم تأخذ ظاهر العبادات من صلاة وصيام وصدقة؛ ففي الحديث عن الأجر حتّى على اللّقمة التي يضعها الإنسان في فم إمرأته، كما يتحصّل المسلم على الأجر في ممارسته للعلاقة الحميمة مع زوجته كما أنّه لو وضعها في حرامٍ كان عليه وزر، ولو وضعها في حلال اكتسب الأجر والثّواب على ذلك، فحياة المسلم كلّها عبادة وأجر وثواب، ففي الحالة اليقظة يمكن للإنسان أن يفعل عبادات كثيرة منها:
- أن يمشي في قضاء حاجات النّاس؛ فالمسلم الذي يقضي وقته في سبيل تفريج كروب النّاس وقضاء حوائجهم يكتسب الأجر على ذلك من الله عزّ وجل، وفي الحديث (من فرّج عن مؤمن كربة فرّج الله عنه كربات يوم القيامة).
- العمل الذي يعتبر عبادةً في حد ذاته شرط ألاّ يكون في وقت العبادة الأصليّة، فالإنسان الذي يقيم صلاته على وقتها ولا يؤخّرها ويحرص في نفس الوقت على عمله الذي به يكون تعمير الأرض وإصلاحها وكسب الرّزق الذي يمكنه من إعالة أهله والنفقة عليهم، كما يمكنه من التّصدق والإنفاق بالخير، وفي الحديث (إنّ اليد العليا خير من اليد السفلى)؛ أي إنّ اليد التي تعطي خير من اليد التي تأخذ عند الله تعالى، وفي الحديث كذلك (من بات كالاًّ من عمله بات مغفورًا له) .
أمّا في منام الإنسان وراحته فهي تشكل جانبًا مهمًّا من حياة المسلم، ففي المنام توجد الرّؤى الصّالحة التي تدلّ على صدق الإنسان في حياته واجتنابه الكذب، وفي الحديث الشّريف (أصدقكم حديثًا أصدقكم رؤى)، كما أنّ الرّؤيا الصّالحة هي جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النّبوة، فالمسلم حريص على أن يكون نومه وما ينبثق عنه من رؤى صادقة تعبير عن إيمانه وصدقه في يقظته .