العمل والعبادة
من الأمور والمسائل الجدلية التي يناقش الناس فيها كثيرا مسألة العمل والعبادة، وكيف يقوم الإنسان المسلم بعبادته بدون أن يؤثر في عمله، أو يقوم بعمله بدون أن يؤثر في عبادته، وإن الحاجة إلى إقامة توازن بين العبادة والعمل تنشأ بلا شك من أهمية وفائدة كل واحد منهم، فالعبادة هي أمر فرضه الله تعالى على الإنسان أو سنه وبه يحقق الإنسان رضا الله تعالى، ويشبع حاجاته الروحية وينال السعادة في الدنيا والآخرة.
وكذلك العمل لا يخفى أهميته للإنسان من ناحية أنه الوسيلة التي يتمكن الإنسان من خلالها من تحصيل رزقه وشراء قوت يومه وتحسين معيشته وشراء بيته وتحقيق أحلامه الدنيوية، ويبقى السؤال الذي يطرق ووسائل مسامع الناس دائما فيما إن العمل عبادة أم لا.
لا شك بأن العبادة تطلق على الأعمال التي يقوم بها الإنسان ويقصد منه التعبد لله تعالى، أي إظهار عبوديته لله تعالى وخضوعه له سبحانه، لذلك تسمى الصلاة والصيام والحج والعمرة عبادة لله تعالى، لأن المسلم يحقق من خلالها العبودية الخالصة لله المنطلقة من إفراد المسلم لله تعالى وحده في التوجه والقصد والعمل والرجاء، والتالي يكون تعريف ومعنى العبادة منطلقا من غاياتها وأهدافها وما يتعلق بها على الحقيقة.
معنى العمل واختلافه في معناه عن العبادة
أما العمل فهو أي سلوك يمارسه الإنسان في حياته ويقصد منه تحقيق أهدافه، فالموظف في المؤسسة يقوم بأداء عدد من الواجبات والمهام الموكلة إليه، ويبتغي من وراء عمله هذا تحصيل أجر على ذلك، فالعمل غالبا ما يرتبط بالأجر الآني، بينما العبادة وإن أراد الإنسان من خلالها الأجر، إلا أن الأجر في هذه الحالة له بعد روحي معنوي، والعمل كذلك قد يكون مشروعا وقد لا يكون كذلك، بينما العبادة مشروعة على كل الوجوه، والعمل مصدره البشر والعبادة مصدرها الرحمن، فلا يأتيها الباطل من بين يديها أو خلفها.
متى يكون العمل عبادة
وعلى هذا فإن العمل هو سلوك يومي قد يتحصل من خلاله الإنسان على الأجر والثواب لأن الله تعالى قد رتب على كل الأعمال المباحة والمشروعة أجرا، وفي الحديث الشريف من بات كالا من عمله بات مغفورا له، وقد تكون الأعمال من ناحية النية عبادة بمفهومها الشامل إذا حققت تلك الأعمال مفهوم وتعريف ومعنى الاستخلاف الرباني للبشر على الأرض وإقامة شريعة الرحمن، فهي بتلك الحالة عبادة يتعبد فيها الإنسان ربه، شريطة ألا يغفل الإنسان عما افترضه الله عليه من عبادات؛ من صلاة، وصيام، وزكاة، وغير ذلك .