الطريقان
يسير النّاس في حياتهم مسيراً مختلفا، فمن النّاس من يسلك طريق الضّلالة ويتيه في الملذّات والشّهوات كحال الكافرين والضّالين، قال تعالى (والذين كفروا يتمتّعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنّار مثوى لهم)، ومن النّاس من يسلك مسلك المتّقين المؤمنين حيث يرضي الله تعالى في حياته بطاعته واجتناب نواهيه، ومن النّاس من يخلط في حياته ما بين العمل الصّالح والعمل السّيء، وما بين العقيدة السّليمة والعقيدة السّقيمة، وإنّ الفائز من بين هؤلاء الذي يفوز بجائزة الله تعالى ورضوانه هو من يضع نصب عينيه إرضاء الله تعالى عارفاً للطّريق الموصل إليه سبحانه.
الطريق إلى الله
لا شكّ أنّ الطّريق إلى الله تعالى ليست دائماً محفوفة بالزّينة وما يحبّبّ للنّفوس، ففي الحديث الشّريف:" حفّت النّار بالشّهوات وحفّت الجنّة بالمكاره، فالنّفس تكره بطبعها وجبلّتها التّعب والمشقّة والنّصب وتميل إلى الدّعة والرّاحة، ولا شكّ بأنّ الطّاعات والعبادات تحتاج إلى همّة وتعب، ونصب، ومقاومة لشهوات النّفس وميولها كمن يستيقظ لصلاة الفجر فإنّه بلا شكّ يجاهد نفسه في سبيل ذلك ويكرهها على ترك المحبّب إلى نفسها وهو شهوة النّوم والرّاحة، فعلى الإنسان حيال ذلك الأمر أن يعظّم الجانب الإيماني في نفسه والذي يمنحه القوّة والإرادة على أداء الواجبات والطاعات وترك المعاصي والمنكرات.
كما أنّ الطّريق إلى الله تعالى تكون من خلال تصحيح العقيدة، فكثيرٌ من المسلمين في وقتنا الحاضر تجد عندهم مسالك وطرق ووسائل تخالف العقيدة السّليمة التي تحقّق لله سبحانه وتعالى معنى التّوحيد، فالنّاس الذين يذهبون إلى القبور للتّمسح بها والتّبرك هم بلا شكّ لا يعرفون طريق الله سبحانه وتعالى وطريق عبادته حقاً، فالله سبحانه وتعالى لا يغفر أن يشرك به في أيّ عملٍ من أعمال العباد، وفي الحديث الشّريف عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام تحذير من الشّرك الخفي الذي ينتشر في الأمّة فيبعدها عن الطّريق إلى الله، ومن الشّرك الخفي الرّياء الذي هو أخفى في هذه الأمّة من دبيب النمل، فالمسلم الذي يعرف طريقه إلى الله يحرص على تصحيح عقيدته من شوائبها وآفاتها، فهو لا يرجو ولا يخشى أو يدعو ويطلب أو يناجي إلا ربّه جلّ وعلا.
إنّ الطّريق إلى الله تعالى تكون كذلك بمراقبة الله سبحانه في الأقوال والأفعال، فالله سبحانه وتعالى مطلعٌ على القلوب ولا يخفى عليه خافية، وهذه درجة الإحسان التي هي أعظم مراتب الإيمان حيث يعبد المسلم ربّه وكأنّه يراه فإن لم يكن يراه فإنّ الله يراه جلّ وعلا.