الطَّريق إلى مكّة
غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مُتجهاً نحو مكّة في يوم العاشر من شهر رمضان في السَّنة الثَّامنة للهجرة، ومعه من المسلمين عشرة آلافٍ، حيث ترك أبا ذرّ الغفاريّ رضي الله عنه والياً على المدينة.
عندما بلغ النَّبي صلى الله عليه وسلم الجُحفة- منطقةٌ بين مكّة والمدينة وهي الآن من مواقيت الإحرام- لقي عمّه العبَّاس مهاجراً للمدينة مع أهله، وفي الأبواء- اسم مكانٍ- لقيه كلٌّ من ابن عمّه أبو سفيان بن الحارث، وابن عمّته عبد الله بن أبي أميّة؛ فصدّ عنهما الرَّسول صلى الله عليه وسلم لعظيم عداوتهما للإسلام والمسلمين.
عندما شعر النّبي صلى الله عليه وسلم بأنّ الصَّوم قد شقّ على النّاس أفطر عليه السلام؛ ليقتدي المسلمون بفعله، وعندما وصلوا إلى مر الظَّهران نزلوا فيه وكان الوقت عِشاءٍ؛ فأمر الرَّسول جيشه بإيقاد عشرة آلاف نارٍ؛ فعندما رأيا كُل من حكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء هذه النِّيران أعظموا الأمر واستشعروا الخطر.
فتح مكّة المُكرَّمة
فتح مكّة كان في شهر رمضان من السَّنة الثَّامنة للهجرة صباحاً؛ فقد أمر النّبي صلى الله عليه وسلم أبا سفيان أنْ يجلس في مكانٍ حتى تمرّ به كل جنود الإسلام فيراها؛ فعندما رأى ما على المسلمين من القوة والعدد والهيبة أسرع إلى مكّة صارخاً بأعلى صوته: يا معشر قريش! هذا محمَّدٌ قد جاءكم فيما لا قِبل لكم به. وفي ذي طُوى قسّم النّبي صلى الله عليه وسلم الجيش إلى كتائب، كلُّ كتبيةٍ تدخل مكّة من جهةٍ على النَّحو التَّالي:
- خالد بن الوليد قائد الميسرة يدخل مكّة من الأسفل عبر طريق كُدى.
- الزُّبير بن العوام قائد الميمنة وحامل الرَّاية يدخل مكّة من الأعلى عبر كداء، وغرز الرَّاية بالحَجون.
- أبو عبيدة بن الجراح قائد الرَجال يسلك بطن الوادي ويدخل مكّة.
بعد دخول الكتائب من حيث أمرهم الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ذهب الرَّسول صلى الله عليه وسلم إلى الحجون عند الزُّبير بن العوام واستراح هناك، ثُمّ سار متجهاً نحو الكعبة، وبجواره أبو بكر الصِّديق وكان يقرأ سورة الفتح حتى دخل المسجد الحرام، والمهاجرون والأنصار ملّتفون حوله من كلِّ صوبٍ؛ فبدأ بالحجر الأسود وطاف حول الكعبة وهو راكبٌ على راحلته دون إحرامٍ، وكانت الكعبة محاطةً بالأصنام البالغ عددها ثلاثمائةٍ وستون صنماً؛ فأخذ النّبي صلى الله عليه وسلم يطعنها ويدمرها وهو يقول: {جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.
تطهير الكعبة
بعد فراغ النَّبي صلى الله عليه وسلم من الطَّواف دعا من يحمل مفتاح الكعبة وهو عثمان بن طلحة؛ فأخذ المفتاح منه وفتح الكعبة، ثُمّ أمر بإخراج ما فيها من الأصنام وتكسيرها جميعاً، كما أمر بمحو ما فيها من الصَّور داخل الكعبة، بعد ذلك دخل النّبي صلى الله عليه وسلم الكعبة ومعه أسامة بن زيد وبلال رضي الله عنهما؛ فأغلقا الباب؛ فصلى الرَّسول صلى الله عليه وسلم ركعتين داخل الكعبة مستقبلاً الحائط المواجه للباب ثُمّ دار بالبيت، وكبّر ووحدّ الله، ثُمّ فُتح باب الكعبة وخرج الرَّسول صلى الله عليه وسلم للنّاس.