بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد،
إن أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تأتي بعد يوم النحر في الحج. وقد جاء عند أهل اللغة ذكرٌ وبيانٌ لماهية هذه الأيام، وتوضيحٌ لسبب تسميتها بهذا الاسم، حيث يقول صاحب معجم لسان العرب: « وتَشْريق اللحم: تقطيعه وتَقْدِيدُه وبَسْطُه، ومنه سُمِّيَتْ أيام التشريق. وأيام التشريق: ثلاثة أيامٍ بعد يوم النحر لأن لحم الأضاحي يُشَرَّق فيها للشمس أي يُشَرَّر... »
ويوم النحر: هو يوم الحج الأكبر، وهو بالتحديد: اليوم العاشر من ذي الحجة، وبالتالي فإن أول أيام التشريق: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، واليوم الثاني: هو اليوم الثاني عشر، واليوم الثالث: هو اليوم الثالث عشر. فأيام عيد الأضحى المبارك تتكون من يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة.
وأيام التشريق هي من جُمْلة أيام الذبح، فأيام الذبح أربعة، وهي يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: « كل أيام التشريق ذبح » [رواه أحمد، وصححه الألباني].
إن تسمية الأيام الثلاثة التي تأتي بعد يوم النحر بأيام التشريق، هي التسمية الأشهر عند العلماء، ولكن لهذه الأيام أسماءٌ أخرى ومنها: (أيام منى)؛ لأن الحجاج في هذه الأيام يَبِيتُون في منى، وقد وردت هذه التسمية في أحد الأحاديث الصحيحة التي جاءت عن رسول الله، والتي أخرجها الإمام مسلم في صحيحه.
ويقوم الحجاح في أيام التشريق بالعديد من الأعمال، ومنها: المبيت بمنى، ورمي الجمار، والذبح.
وأيام التشريق بالإضافة إلى يوم النحر هي من الأيام التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامها، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أيام التشريق أيام أكلٍ وشربٍ. » [رواه مسلم].
ولكن يُرَخَّص للحاج أن يصوم في أيام التشريق الثلاثة إذا لم يجد ثمن الهَدْي، وقد أُخِذَتْ هذه الرخصة من حديث أم المؤمنين عائشة، وابن عمر رضي الله عنهما، حيث قالا: « لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهَدْي » [رواه البخاري وغيره]. فعلى الحاج الذي لم يجد ثمن الهَدْي أن يصوم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله. والهدي: هو ما يُهْدَى إلى بيت الله الحرام من بهيمة الأنعام.
وفي الختام نسأل الله أن تَعُمَّ الفائدة من هذا المقال، ونسأله أن يعلمنا ما ينفعها، وأن يزيدنا فقهًا في الدين، والحمد لله رب العالمين.