من رحمة الله تعالى بالبشر أن جعل لهذه الحياة نهايةً وخاتمة كما جعل لها بداية، ذلك بأنّ كثيراً من النّاس ينغمسون في ملذّات الحياة الدّنيا وينسون الدّار الآخرة، فتأتي علامات و دلائل السّاعة الصّغرى لتطرق ووسائل مسامعهم وتبيّن لهم حقيقة دنوّ السّاعة ويوم القيامة حتّى يفيقوا من غفلتهم، وإنّ انتهاء علامات و دلائل السّاعة الصّغرى يشير إلى قرب ظهور علامات و دلائل السّاعة الكبرى الّتي بظهور أوّل آياتها تسدّ باب التّوبة ولا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا، فتعرف على ما هى تلك العلامات و دلائل الكبرى للسّاعة؟ وتعرف ما هو ترتيبها من حيث الوقوع؟
علامات و دلائل يوم القيامة
روي عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم بأنّ السّاعة لن تقوم حتّى يرى النّاس قبلها عشر آياتٍ بيّنات، وقد اختلف العلماء حقيقةً في ترتيب تلك العلامات، وإنّ أرجح الأقوال في ذلك ما حكاه الإمام القرطبي؛ حيث قال إنّ أوّل تلك العلامات و دلائل ظهورًا خروج المسيح الدّجال الذي يعدّ من الفتن العظيمة والّذي حذّر منه النّبي عليه الصّلاة والسّلام في مواطن كثيرة، ثمّ خروج قوم يأجوج ومأجوج الّذين يسبحون في الأرض فسادًا وشرًّا، ثمّ ينزل الله تعالى سيّدنا عيسى عليه السّلام وهو من علامات و دلائل السّاعة الكبرى حيث يقتل المسيح الدّجال، ويدعوا على يأجوج ومأجوج فيرسل الله تعالى عليه النّغف في أقفائهم فيهلكهم ثمّ يدعو الله تعالى ليخلّص الأرض من نجسهم فيرسل الله تعالى طيرًا تحملهم تلقي بهم بعيدًا عن النّاس، ثمّ يأمر الله تعالى السّماء بأن تمطر وتغسل الأرض من دنسهم ورجسهم.
ومن العلامات و دلائل التي تظهر كما قيل بعد ذلك علامة الدّابة التي يخرجها الله تعالى من الأرض تكلّم النّاس وتسم الكافر وتسم المؤمن، ثمّ ظهور الشّمس من مغربها حيث لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل ويغلق باب التّوبة، وكذلك من العلامات و دلائل الكبرى ثلاث خسوف: خسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب وخسفٌ بجزيرة العرب، والدّخان، وريحٌ يبعثها الله تعالى فتقبض روح كلّ مؤمن لأنّ السّاعة لا تقوم إلّا على شرار النّاس الّذين يبقون يتسافدون كما تتسافد الهيم، وأخيرًا نارٌ تخرج من اليمن تسوق النّاس إلى محشرهم تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا أقالوا.
وأخيرًا على المسلم الحصيف أن يستعدّ للسّاعة ويوم القيامة بالتّزوّد بزاد التّقوى؛ فهو خير سلاحٍ لمواجهة الفتن الّتي تحيط بالنّاس من كلّ جانب، وأن يعمل لآخرته كأنّه سوف يموت غدًا، ذلك بأنّ أمر الله تعالى إذا جاء لا يؤجّل، رحمنا الله جميعًا برحمته.