عذاب الله في الدُّنيا
ذكر القرآن الكريم في معرض حديثه عن قِصص الأنبياء والرُّسل عاقبة من كذّب بهؤلاء الرُّسل والأنبياء في الدُّنيا؛ فالله سبحانه وتعالى أوقع عليهم العذاب الدُّنيويّ عقاباً لهم على كُفرهم وتعذيبهم للأنبياء والمؤمنين وفسادهم في الأرض ونشرهم للفاحشة والكُفر والظُّلم والبغيّ، وكذلك لأخذ العِظة والعبرة لمن تلاهم من الأقوام؛ فالله شديد العقاب ولا يُعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السَّماء.
أنزل الله بالكُفار أصنافاً مختلفةً من العذاب؛ فهُناك من عُذِّب بالغرق، وبالريح العاتية، وبالرجفة المدمّرة، وبقلب مكان السَّكن عاليها سافلها وغير ذلك من العقاب الذي قد حلّ بالأقوام أو بالأفراد كما حلّ بقارون.
قوم شُعيب عليه السَّلام
شعيب عليه السَّلام من الأنبياء الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ووصفه بأنّه كان كثير الصلاة، أرسله الله نبيًّا إلى قوم مَديَن وهم قومٌ عاشوا في أرض مَديَن في الأردن، وكان قوم مَدين يتصفون بالتلاعب بالموازيين في البيع والشِّراء؛ فجاءهم شُعيب عليه السَّلام داعيًّا إياهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك ما دونُه، وإلى الوفاء بالموازيين وتجنّب بخس النَّاس حقهم في البيع والشِّراء، قال تعالى:"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ".
جاء ردّ قوم شُعيب عليه السَّلام عكس ما كان يأمل ويُرد لهم؛ فقد كفروا بما جاء به شُعيب وأصرّوا على المُضي فيما هم عليه وسألوه هل صلاتك هي التي تأمرك أنْ نتخلى عن ما كان يفعله آباؤنا ونتبعك، وأصرّوا على الكُفر.
عذاب يوم الظُّلة
قال الله تعالى:"فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ" عندما كذّب قوم مَدْيَن نبيهم شُعيباً كان لابُد للعدالة الإلهية أنْ تنتصر للنبيّ المبعوث من الله وأتباعه وحانت ساعة العذاب الدُّنيويّ، وكان العذاب الذي وقع بهم أنّ أرسل الله عليهم الحر الشديد الذي لا يُحتمل واستمر هذا الحرّ مدّة سبعة أيامٍ متتاليةٍ، وعندما عجزوا عن احتمال الحر الشديد خرجوا من المنازل والمساكن إلى الخلاء والصحراء لعلّها تكون أقلّ حرًّا؛ ولكن كانت أشعة الشمس شديدة الحرارة والرِّمال ملتهبةً وإذْ هم كذلك أظلهم الله بسحابةٍ؛ فاستبشروا خيراً بها واعتقدوا أنّها تحمل لهم المطر الذي يُذهب عنهم الحر وبدأوا بالتوافد والتجمّهر تحتها لتُظِّلهم من أشعة الشّمس الحارقة وعندئذ بدأت تُمطر السَّحابة عليهم حِمم النَّار الحارقة حتّى أهلكتهم جميعاً.