تعتبر ليلة القدر من أعظم الليالي وأجلّها عند الله تعالى، فهي اللّيلة التي أنزل فيها القرآن، كما يكتب في هذه اللّيلة مقادير الخلائق، كما بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم فضلها حين قال، من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه، ولا شكّ بأنّ المسلم وهو يستقبل شهر رمضان المبارك تكون عينه صوب هذه الليلة المباركة لاغتنام كلّ لحظةٍ فيها بالعبادة والعمل الصّالح، وإنّ المضيع لهذه الليلة المفوّت لها يكون قد أضاع خيراً كثيراً، وقد كانت من حكمة الشّرع أنّه لم تحدّد بيومٍ معيّن بل بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّها في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وفي رواياتٍ أخرى تحديد أكثر لها حيث بين النّبي الكريم أنّها في الأيام الفرديّة من العشر الأواخر، وإنّ عدم تحديد هذه الليلة يجعل المسلم يقوم تلك الليالي جميعها حرصاً على عدم توفيتها، فإذا أدرك المسلم هذه الليلة عليه أن يضع برنامجاً معيّناً حتى يستغل كلّ دقيقةٍ فيها بالعبادة، فتعرف على ما هى المقترحات التي تمكّن المسلم من قيام تلك الليلة على أكمل وجه ؟
على المسلم أن يخصّص جزءاً من هذه الليلة للقيام، فيصلّي التّراويح ثمّ يتنفّل ما شاء من الرّكعات ويقرأ فيها بما تيسّر من القرآن الكريم، وإذا كان في جماعةٍ صلّى وراء الإمام وهو منصتٌ خاشعٌ لآيات الله سبحانه وتعالى، وأن يحرص على الاعتكاف في هذه الليلة وعدم الخروج من المسجد إلا للوضوء أو الحاجة الشّديدة، كما أنّ على المسلم أن يخصّص وقتاً لقراءة القرآن، ذلك بأنّ لقراءة القرآن لذةً خاصّة في هذه الليلة المباركة، وأن يحرص على أن يقرأ أجزاءاً من القرآن بخشوعٍ وتدبّر .
ومن العبادات كذلك الذّكر والدّعاء، فيستحضر المسلم عظمة الله تعالى ويتذكّر ما يريد أن يدعو به من أدعية الفرج والاستغفار لعلّه يصيب رحمات الله تعالى ونفحاته في هذه الليلة، وأن يحرص على الدّعاء بأحبّ الأسماء إلى الله تعالى، وأن يكثر من التّسبيح والتّهليل والتّكبير فكلّ ذلك ممّا يزيد في حسناته ويرفع درجاته، ومن الأدعية التي وردت عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم في هذه الليلة قوله، اللهم إنّك عفوٌ تحبّ العفو فأعفو عني، وبذل المال والصّدقة، فالإنفاق في سبيل الله في هذه الليلة يضاعف الحسنات ويرضي الرّحمن، وأن تدخل السّرور على قلب أخيك المسلم بعملٍ صالح .