وادي العقيق
يُعدّ وادي العقيق من أشهر الأودية الموجودة في المدينة المنورة بالمملكة العربيّة السعوديّة، وتتجمع مياهه في قرية العقيق التابعة للمدينة وتبعد عنها قرابة (100) كيلو متر، ويسير هذا الوادي حتى يصل مشارف المدينة المنورة مروراً بجبل عير الذي يبعد عن المدينة (20) كيلو متراً،ويُطلَق على هذا الجزء من الوادي اسم وادي الحسا، ثمّ يتّجه غرباً من جبل عير ويمر بمنطقة ذي الحليفة، ثمّ ينعطف باتّجاه الشرق وهذه المنطقة تسمّى سيل عروة نسبة للصحابيّ الجليل "عروة بن الزّبير"، بعد ذلك يلتقي بوادي بطحان بالقرب من منطقة القبلتَين، ثمّ يتّجه إلى الشمال الشرقيّ ليلتقي بوادي قناة شرق المدينة (مجمع السّيول)، خلال فصل الشّتاء يسيل هذا الوادي كالنهر الكبير، وقد تبقى المياه فيه لعدّة شهور.
تاريخه
يوجد الكثير من الكتابات القديمة التي تدلّ على أنّ هذا الوادي كان شبيهاً بنهر جارٍ في بعض العصور القديمة، حيث بُنيت القصور على ضفاف الوادي خلال العصر العباسيّ والعصر الأمويّ، بالإضافة إلى تزاحم الميسورين على تقاسم الأراضي الموجودة بجانبه، حتى لم يعد هناك مكان للبناء وإقامة المزارع والبساتين.
قصوره
تؤكّد الأثار والكتابات القديمة الموجودة بالوادي على وجود استيطان بشريّ كبير على ضفاف الوادي، لوجود بقايا بعض القصور القديمة تعود للعصرَين العباسيّ والأمويّ ونذكر من هذه القصور:
- قصر الصحابيّ سعد بن أبي وقّاص، والذي ما تزال بعض آثاره موجودة حتى الآن.
- قصر سعيد بن العاص.
- قصر السيدة سكينة بنت الحسين.
- قصر مروان بن الحكم.
- قصر الصحابي عروة بن الزبير، وآثاره ما تزال قائمة إلى الآن.
النشاط الزراعيّ فيه
كانت هذه القصور تُغطي مساحات كبيرة على ضفاف الوادي، حيث كان لكل قصر مزرعة مزروعة بأشجار العنب والنخيل، وغيرهما من الأشجار الأخرى، بالإضافة إلى بعض أنواع الخضار والفاكهة، والحدائق في ساحات القصور، لذلك يمكننا أن نتخيّل هذه المنطقة كجنة خضراء يمرّ منها سيل جارٍ، إلّا أنّ هذا العمران الجميل انتهى في القرن الثالث الهجري بعد تهدّم تلك القصور وهجرانها، والجدير بالذكر أنّ المصادر والكتابات التاريخية وصفت مياه وادي العقيق بالعذبة، وكان يتزوّد منها المسافرون وأهل المدينة، ومن أشهر الآبار في تلك المنطقة بئر عروة بن الزبير.
وادي العقيق في السُّنة النبويّة
ورد في الأحاديث النبوية الشريفة أنّ وادي العقيق من الأودية المباركة، وهو ما ورد في صحيح البخاريّ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- (العقيق وادٍ مبارك)، كما ورد عن عمر بن الخطاب أنّه سمع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يقول: (أتاني الليلة آتٍ من ربي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك). وقد فُرشت أرض المسجد النبويّ بحصى من وادي العقيق في عهد عمر بن الخطاب.
وادي العقيق حاليّاً
وصل العمران في وقتنا الحالي إلى أطراف الوادي، وما يزال هذا الوادي يمتلئ بالمياه خلال فصل الشتاء عندما تأتي أمطار غزيرة.