فضل الوالدين
قال تعالى في محكم آياته: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء:23-24، تبين الآيات الكريمة مدى أهمية وفائدة طاعة الوالدين من قبل الولد، ولعظم هذه العبادة قرنها الله بطاعته، واليوم سأحدثكم عن فضل الوالدين.
على الأبناء لوالديهما الكثير من الحقوق والواجبات التي يجب التقيد بها، فعليهم العناية بوالديهم في الكبر، وإطاعة أمرهما إذا لم يكن في معصية الخالق، وعدم التأفف عند تنفيذ طلبهما، واحترامهما، والمواظبة على زيارتهما دون انقطاع، فبر الوالدين فرض يعاقب تاركه، وهي طاعة عظيمة كالجهاد.
قد فرضت هذه الواجبات على الأبناء لكبر فضل الوالدين، فيأتي الابن بفضل الله وفضلهما فيحدث الحمل، وفي الحمل تحمل الأم طفلها تسعة أشهر، وخلالها تتحمل التعب، والمشقة، والمرض، والوزن الزائد، وألم العظام عندما يتغذى الجنين منها، وقلة النوم، وصعوبة التنفس، وكل هذا العذاب يهون أمام وجع الولادة الذي تتحمله الأم، فكل طلقة كخروج الروح، وتعادل الطلقة الواحدة في وجعها ثاني أكبر وجع في العالم مباشرة بعد الحرق حياً.
بعد هذا لا ينتهي ألم الأم، ففي أول شهور الولادة لا تحصل على ما يكفيها من النوم بسبب رعاية طفلها، وإذا مرض سهرت قربه وحزنت، وإذا ما جاع سارعت لإطعامه، وإذا تعب عملت على راحته، وزاد ألمها إذا ابتعد عنها، وبكت كلما بكى، وفرحت كلما فرح، فكانت حياتها ليس ملكاً لها وإنما لطفلها، فتطهو ما يحب، وتصنع ما يهوى، وتبتعد عما يكره، وتسامحه إذا ما أخطأ.
أمّا الأب فوجوده نعمة، يبذل جهده في حر الصيف وبرد الشتاء ليؤمن قوت يومه، يتعب نفسه ويرهق جسده، ويتحمل المرض سعياً لكسب الرزق ليؤمن لابنه مأكله، ومشربه، وملبسه، ومنزلاً يؤويه من برد الشتاء وحر الصيف، وكل ما يحتاجه ليكمل دراسته.
الأهم من ذلك أن كلا الوالدين يقدمان لابنهما الحب والحنان والرعاية، ويربيان ابنهما على حسن الخلق، وعلى تعاليم الإسلام، فيمنحانه الثقة والاحترام لنفسه ليكون معيناً لهما في كبرهما.
الوالدان نعمة من الله، فمن أدرك والديه فليحرص على طاعتهما وإرضائهما، فاللهم احفظ لنا والدينا، وأدم الصحة لهما، اللهم لا ترينا بأساً بهما، وأحسن خاتمتهما، واكتب لهما الجنة بلا حسابٍ ولا عذاب، اللهم لا تحرمنا رضاهما، وابتسامتهما، وسهل لنا طاعتهما فيما يرضيك، وارحمهما، إلهي إنك مجيب الدعاء فاستجب وصلّ على حبيبك محمد وآله وصحبه أجمعين.