وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حين يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ، وتفتح لها أبواب السماء ، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " ( رواه الترمذي ) .
- وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة : أي أشخاص ، وهذا أولى من قول ابن حجر : أي من الرجال ، وذكرهم للغالب لا ترد دعوتهم : قيل : سرعة إجابة الدعاء إنما تكون لصلاح الداعي ، أو لتضرعه في الدعاء إليه تعالى : ( الصائم ) أي : منهم ، أو أحدهم الصائم ( حين يفطر ) : لأنه بعد عبادة وحال تضرع ومسكنة ( والإمام العادل ) : إذ عدل ساعة منه خير من عبادة ستين ساعة كما في حديث ( ودعوة المظلوم ) : كان حال كذا قيل ، والأولى أن يكون أي : يرفعها خبرا لقوله : ودعوة المظلوم ، وقطع هذا القسم عن أخويه لشدة الاعتناء بشأن دعوة المظلوم ولو فاجرا أو كافرا وينصر هذا الوجه عطف قوله : ويقول الرب على قوله ، ويفتح فإنه لا يلائم الوجه الأول لأن ضمير يرفعها للدعوة حينئذ ، لا لدعوة المظلوم كما في الوجه الأول اهـ .
والظاهر أن الضمير على الوجهين لدعوة المظلوم ، وإنما بولغ في حقها ؛ لأنه لما لحقته نار الظالم واحترقت أحشاؤه ، خرج منه الدعاء بالتضرع والانكسار ، وحصل له حالة الاضطرار ، فيقبل دعاؤه كما قال تعالى : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) ، ومعنى ( يرفعها الله فوق الغمام ) : أي : تجاوز الغمام أي : السحاب ( ويفتح ) : أي لدعوته ( أبواب السماء ) : وروي بالتذكير والتأنيث على بناء المجهول ، والرفع والفتح كنايتان عن سرعة القبول والحصول إلى الوصول . قال الطيبي - رحمه الله - : ورفعها فوق الغمام ، وفتح أبواب السماء لها ، مجاز على إثارة الآثار العلوية ، وجمع الما هى اسباب السماوية على انتصاره بالانتقام من الظالم وإنزال البأس [ ص: 1535 ] عليه ( ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ) بفتح الكاف أي : أيها المظلوم ، وبكسرها أي : أيتها الدعوة . ( ولو بعد حين ) : والحين يستعمل لمطلق الوقت ، ولستة أشهر ، ولأربعين سنة ، والله أعلم بالمراد ، والمعنى لا أضيع حقك ولا أرد دعاءك ، ولو مضى زمان طويل لأني حليم لا أعجل عقوبة العباد لعلهم يرجعون عن الظلم والذنوب إلى إرضاء الخصوم والتوبة ، وفيه إيماء إلى أنه تعالى يمهل الظالم ولا يهمله . قال تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ) وقال عز وجل : ( وربك الغفور ذو الرحمة ) ( رواه الترمذي ) .