إنّ تعاليم الإسلام واضحة وضوح الشمس، من حيث توضيح العبادات والمنهيات، ووضع لكل شيء حكم دقيق ففي الصلاة مثلًا هناك صلاة فرض وهناك سنة، والسنة منها تعرف على ما هى مؤكدة وغير مؤكدة، وأحكام كثيرة لجمع الصلاة وقصرها، وفي الصلاة ذاتها هناك أركان أساسية في الصلاة، وهناك تعرف ما هو سنة وواجب. فهذا هو الإسلام كل شيء في واضح وله نصيبه من الأحكام.
وإنّ في حياتنا الكثير من الأمور التي ربما تتفوق بها الأسر المسلمة على الغير مسلمة؛ وذلك لالتزامها بطريقة تكوينها والحفاظ عليها، فسمي الزواج بالميثاق الغليظ، وسمي الطلاق أبغض الحلال، دليل على أن هذان الأمران ليسا بالشيء الهين والسهل الذي يمكن إنهائه والتلاعب به.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثٌ جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة"
وقد روى الحديث العديد من الرواه كأبو داوود والتريذي وقيل انه حديث حسن.
ولنرى فحوى الحديث أن ثلاث جدهن جد، أي الخوض في هذه الأمور الثلاث يجب ألّا يكون إلّا من باب الجد، فلا يجوز أن يؤخذ النكاح على محمل اللعب والتسلية، أو أن يتم النكاح لما هى اسباب دنيوية طالما انتهت يحدث الانفصال بين الزوجين، كما يحدث جليًا في دول الغرب ومن لا يدينون بالإسلام فلا توجد قوانين تمنع المرأة من عدم الزواج والطلاق كما تريد، فتتزوج من شخص؛ لأنّ صاحب نفوذ ومال، ثم إذا انكسر وخسر ماله تركته وكأنّها لم تعرفه يومًا!
هذا هو التلاعب بالزواج وأخذه على محمل غير الجد، وكذلك في الطلاق، فالأخذ به يكون بعد انتهاء كل الما هى اسباب والوسائل التي قد تجمع بين الزوجين بعد خلافهما؛ لذلك سمي أبغض الحلال؛ لأنّ عواقبه وخيمة، فالأخذ بقرار الطلاق يجب أن يكون أمرًا جديًا يتم التفكير فيه مرارًا وتكرارًا.
والأمر الثالث هو الرجعة، فبعد الطلاق من الطلقة الأولى أو الثانية، يُرجع الزوج زوجته بلا ضمان وبلا مسئولية، ومن الممكن أن ينكر الطلاق أصلًا أو أنّه تلفظ بكلمة الطلاق فيكون الطلاق والرجعة باطلان، وقد دخلوا بالحرام.
هذه الأمور الثلاثة لأهميتها وعظم أثرها في المجتمع؛ لذا كان جدهن جد وكان هزلهن جد؛ لأنّه لا مجال للهزل والتلاعب فيها، لا مجال للتلاعب بكلمة طالق! تحت أي ظرف أو حجة كانت؛ لأن بين الزوج والزوجة ميثاق غليظ من أعظم مواثيق العالم، وإذا حدث الطلاق لا يجوز له الهزل في الرجعة بأن ينوي إرجاعها اليوم ثم يتراجع عن كلمته ويرفض رجعتها، فهذا ليس من الدين ولا من الإنسانية بمكان، فالزوجة حتى وإن تطلقت فهي إنسانةٌ لها كرامتها، لا يتم إرجاعها إلّا بكرامة بعد تسوية الخلافات التي حدثت بينهما.
هذا الحديث مهم أن يقرأه كل مسلم، أن يعي مفرداته وتفسيره، لأنّه للأسف كثير من الأزواج المسلمين تجري كلمة الطلاق على ألسنتهم مجرى الماء، ولا يعلمون أنّ زوجاتهم أصبحن محرمات عليهم.