خلق الله الإنسان في أحسن صورةٍ، وقد كرّمه تعالى أيضاً بالعقل ومنحه كثيراً من النعم التي وجدت في جسمه لتقوم بتسهيل حياته اليوميّة والعملية؛ فمثلاً لولا الجلد لما استطعنا الإمساك بالأشياء، ولما قدرنا على الإبصار لولا العينين، وكذلك السمع، وأيضاً هناك الكثير من عجائب قدرة الله في جسمنا الصغير، ولكن جسمنا هذا لم يولد هكذا؛ بل ولد طفلاً صغيراً ثمّ بدأ بالتطوّر مع الوقت، وهذه التطوّرات إمّا أن تكون شكليّةً أو فعليّةً مكتسبة.
أمّا التطورات الشكلية، فهي تتمثل بالطول والحجم وما إلى ذلك من أمورٍ تختصّ بشكل الفرد، والفعليّة هي كل ما يقدر الإنسان على فعله بمهاراتٍ اكتسبها من المحيط الذي حوله كالمشي مثلاً، وغيرها من النشاطات التي يقوم بتعلّمها مع نموّه ومرور الوقت.
تطورات الطفل في أول ستة شهور
فيما يأتي نذكر ملخّص بتطوّرات الطفل منذ الولادة حتى عمر ستّة شهور:
- في الشهر الأول: يبدي الطفل استجابةً للمتغيّرات الضوئية، ويستطيع التفريق بين الظلمة والنور، كما أنّه يبدأ بالاستجابة للمتغيرات الصوتية، كالجرس، أو أي صوتٍ آخر، كما أنّه يبدأ بتحريك رأسه من جهةٍ إلى أخرى.
- في الشهر الثاني: يبدأ بالتجاوب مع المداعبة بالابتسام، ويراقب الأشياء المتحرّكة من حوله، ويستطيع الجلوس بمساعدة الأم (مع الإمساك به طبعاً)، ويستطيع رفع رأسه في حالة النوم على البطن.
- الشهر الثالث: في هذه المرحلة من تطوّر الطفل، يبدأ التطور المحسوس به، أي إنّ أهل الطفل يحسّون بأنّ الطفل أصبح يتقبّلهم ويفرق بينهم، وتتطوّر حاسة السمع بشكلٍ جيدٍ فيصبح قادراً على تتبّع معظم الأصوات المحيطة به، ويبدأ بإطلاق بعض الأصوات.
- الشهر الرابع: في هذه المرحلة يجب الانتباه لطلفلك، لأنه يبدأ بالتعرّف على الأشياء المحيطة به عملياً، فيبدأ بإمساك الأشياء من حوله ويتفحّصها من خلال تقليبها، ويضعها في فمه، وهنا يبدأ الطفل بالاستجابة لما يحيط حوله فعلياً، ويشعر بأنه ذو كيانٍ وأهمية؛ حيث يبدأ بالضحك لوحده، ويستمتع بملاعبتك له، وهو يحب ذلك جداً.
- الشهر الخامس: هنا يبدأ الطفل بالجلوس لوحده متّكئاً على ذراعيه؛ أي إنّه يبدأ باستغلال قوّته البسيطة لتلبية حاجاته، ويحاول التقلب على ظهره وبطنه، ويبدأ بإمساك الأشياء الصغيرة واللعب بها.
- الشهر السادس: يبدأ الطفل بتقليد بعض الأصوات، ويكون قادراً على الجلوس لوحده دون مساعدةٍ ودون الحاجة إلى الاتّكاء على يديه، وقد يقوم بتكرار بعض الكلمات وعبارات التي يسمعها من حوله، وفي هذه المرحلة من عمره يبدأ الطفل بتناول بعض الأطعمة المهروسة مثل البسكويت مع الشاي، وقد يستطيع الزحف أيضاً.
وهكذا يبقى الطفل على حاله من التطوّر والتقدّم شيئاً فشيئاً إلى أن يستطيع المشي والكلام، ولا يتوقّف تطوّره إلى هذا الحد وحسب؛ بل يبقى يتطوّر مع الظروف والمشكلات التي يواجهها يومياً إلى أن يصبح قادراً على حلّها دون الرجوع إلى الوالدين.