عظمة الأم
كثيرةٌ هي الأدبيات حول العالم التي أجلَّت الأم، ورفعت من قدرها، وأظهرت مكانتها، ودورها في التربية، والتنشئة، وفي أن تكون الحضن الذي يشعر فيه جميع أفراد العائلة بالراحة، والأمان، والسلام، والاطمئنان؛ ابتداءً من الزوج، مروراً بالأبناء، وانتهاءً ربّما بالأحفاد، أو أحفاد الأبناء.
الأم هي الكائن الأسمى في نظر أبنائها، وفي نظر المجتمع كله، فهي التي حملت أبناءها كرهاً، ومن ثم وضعتهم كرهاً، وهي التي صبرت على أذاهم وهم صغار، وسهرت الليالي لأجل راحتهم، وهي التي ربَّتهم، وعرَّفتهم الصواب من الخطاً، وهي التي علَّمتهم، وعملت لأجلهم، وربما كانت الوحيدة المسؤولة عنهم في العديد من الحالات؛ كحالة وفاة الزوج -على سبيل المثال-. وبعد أن يكبر الأبناء، تكون هي المسؤولة الأولى عن استقرارهم في أسرهم الجديدة؛ فتعتني بأحفادها، وبزوج ابنتها، أو زوجة ابنها وكأنهما أولادها، وهي التي تظل قلقة على كل من حولها إلى أن يتوفاها الله، ولأجل كل هذه التضحية التي لا تنتظر الأم مقابلها جزاءً ولا شكوراً استحقت هذه المنزلة العالية، عند الله أولاً، وعند الإنسان ثانياً.
عاطفة الأم
جزء كبير من الرحمة التي أودعها الله تعالى في هذا الكون، والتي بثّها بين خلقه كانت من نصيب الأم، وهذا ما يجعلها بامتياز الكائن الأرحم من بين سائر الكائنات، وقد حثت القيم الفطرية السليمة على عدم إلحاق الضرر بالأم من خلال حرمانها من أبنائها، كما تفعل بعض العائلات للأسف الشديد، ممن يحرمون الأم من أولادها من خلال الاحتيال على الشرع، أو على القانون، والعكس صحيح أيضاً فلا يجوز للأم أن تحرم الأب من أبنائه باسم الشرع والقانون، إذ ما ظهرت المشاكل وعيوب بينهما، وقد أكد الله تعالى في كتابه الحكيم على هذا المعنى، قال تعالى: (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ).
حقوق الأم الواجبة على الأبناء
من المتعارف عليه دينياً، وأخلاقياً، واجتماعياً، بل وحتى قانونياً أنّ الأم هي أعظم الأشخاص حقاً على أبنائها؛ إذ يجب على الأبناء طاعة أمهاتهم، والبعد عن المناكفات، والإزعاجات التي لا طائل منها، والحرص على إسعادهنَّ بجلب الأخبار الجيدة لهنَّ، وهذا يتطلب العمل قدر المستطاع للنجاح في الحياة بشكل عام، وعلى المستوى الأسري بشكل خاص.
كما ويجب أن تُوَقَّر الأم، وأن تحظى بالاحترام المطلوب الذي يظهر قدرها، ومنزلتها أمام الناس وفي الخلوات، إلى جانب أهميّة أن ينفق الأبناء عليها، وأن يعتنوا بصحتها، وأن يلزموها إذا ما مرضت، وأن يحترموا أخوالهم، وأجدادهم، كما ويجب على الأبناء أن لا يحرموا أمهاتهم من رؤية أحفادهنَّ، فالأحفاد بالنسبة للجدات كنز ثمين، ومتعة لا تضاهيها متعة.