الآخرة
من رحمة الله سبحانه وتعالى بالناس أن جعل للكون نهايةً كما جعل له بدايةً، فجعل الموت نهاية الحياة لجميع المخلوقات وبعدها البعث والنشور ليكون الحساب، فيجزي الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين على ما قدموه في حياتهم الدنيا من أعمالٍ فيجزيهم جناتٍ عرضها سبع سموات، ويجزي المشركين على ما اقترفوه جهنم وساءت مصيراً.
علامات و دلائل الساعة
أخفى الله تعالى موعد يوم الحساب أو ما يسمّى يوم القيامة عن جميع الخلائق فجعله في علم الغيب، ليبقى المؤمن مع الله بشكلٍ دائمٍ على استعدادٍ في كل وقتٍ لقيام الحساب وللقاء الله سبحانه وتعالى، فطبيعة النفس البشرية تحبّ المجهول فلو كان موعد القيامة مكشوفاً لأصابهم اليأس وتعطلوا عن نشاطهم وعن أعمالهم ينتظرون ذلك اليوم الرهيب، ولكن من رحمة الله أن جعل لقيام ذلك اليوم علاماتٍ تدلّ على قرب موعده ومن هذه العلامات و دلائل ما سأعرضه هنا.
أول علامات و دلائل الساعة الكبرى ظهوراً
اختلفت الروايات حول علامات و دلائل الساعة الكبرى وترتيبها وأوّل هذه العلامات و دلائل ظهوراً، فذهبت إحدى الروايات إلى أنّ ظهور المسيح الدجال أول هذه العلامات و دلائل ظهوراً، حيث قال القرطبي في كتابه التذكرة بأنّ أولى علامات و دلائل الساعة الكبرى هي ظهور الدجال، وبعدها نزول عيسى عليه السلام، وبعدها ظهور يأجوج ومأجوج، والرواية الثانية للمبار كفوري في شرحه للترمذي بأنّ أولى العلامات و دلائل الكبرى ظهوراً هي الدخان، ومن ثم نزول الدجال، وبعدها نزول عيسى عليه السلام، وبعدها نزول يأجوج ومأجوج.
ظهور المسيح الدجال
سُمي بالمسيح لأنّه ممسوح العين اليمنى ولأنّه يمسح الأرض أي يقطعها بوقتٍ قصيرٍ وبشكلٍ قصير بسرعةٍ عالية فيصل إلى كلّ بقاع الأرض، وهو رجل من بني آدم له صفات كثيرة وردت في الأحاديث النبوية، حتى إذا خرج كان المؤمنون على علمٍ به وبصفاته فيجتنبون فتنته ولا يتبعونه، ومن هذه الصفات أنّه أحمر قصير مجعّد الرأس، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى أجلى الجبهة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال: "إنّ الله ليس بأعور، ألا إنّ المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأنّ عينه عَنِبة طافية" (رواه البخاري برقم 3184،) حيث تعتبر فتنة الدجال من أكبر الفتن على وجه الأرض؛ لأنّ الله يجري على يده خوارق عظيمة، فإذا أمر الدجال السماء أن تمطر أمطرت، وإذا أمر الأرض أن تُخرج كنوزها خرجت كنوزها وكلّ هذه الخوارق لا تكون إلا بإذن الله، فتكون فتنة عظيمة ودعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقي فتنة المسيح الدجال بالإكثار من الدعوات في الصلاة، وحفظ آيات من سورة الكهف، والتسلّح بالإيمان وتقوى الله سبحانه وتعالى.
ظهور الدخان أيضاً من العلامات و دلائل المنصوص عليها: "فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ"وهو عبارة عن دخان عظيم يعمّ الكون كله، فيصيب الناس الهلع والجزع ويظنّون بأنّه العذاب الأليم.