يسيطر هاجس الشّكّ على عقول عددٍ من النّاس فيفقدهم صوابهم، ويجعلهم يتخبّطون في الحكم على من حولهم، وتراهم ينظرون إلى من حولهم باستمرار نظرة الشّكّ والرّيبة، والحقيقة أنّ الشّكّ بالنّاس هو من أسوأ الصّفات التي توجد في الإنسان وتجعل النّاس يكرهونه لأجلها، فلا يوجد إنسانٌ يحبّ أن يشكّ فيه أحد، فالنّفس عزيزة على نفس صاحبها، والشّكّ فيها قد يجرحها ويسيء إليها أمام النّاس، وتتنوّع مظاهر الشّكّ في حياتنا، فهناك من الأزواج من يشكّ في سلوك شريكه في الحياة، وهناك من يشكّ في سلوك صديقه، وهناك من يشكّ في سلوك الغرباء من النّاس، والشّكّ عموماً إذا لم يعتمد على دليلٍ واضحٍ أو رؤيةٍ متعيّنة فهو مرفوض شرعاً وعرفاً، لأنّ الأصل أنّ العلاقات بين النّاس تأسّس على الثّقة المتبادلة فيما بينهم، وعلى الإنسان أن يكون حريصاً على أن لا يشكّ في أخيه المسلم، وهناك عددٌ من النّصائح نوجّهها لمن يريد الابتعاد عن الشّك في النّاس، نذكر منها :
- أن يطبّق الإنسان قاعدة ما تحبّه لنفسك فأحبّه لأخيك، فإذا فكّر الإنسان يوماً في أن يشكّ في أخيه عليه أن ينظر إلى حاله ويتخيّلها في في نفس الموقف الذي يمرّ فيه أخوه فيختبر حالها وسهام الشّكّ توجّه إليها، ثمّ ينظر كيف حاله حينئذ، وكيف يؤثّر سوء الظّنّ والشّكّ فيه، فعلى الإنسان دائماً أن لا يرضى لأخيه ما لا يرضاه لنفسه وفي الحديث الشّريف عن النّبي صلّى الله عليه وسلم أحبب لأخيك ما تحبّه لنفسك .
- أن يفكّر الإنسان دائماً حينما تسوّل له نفسه الشّكّ في النّاس، وأن يتدبّر في أحوال الحياة وتغيّراتها، فيلتمس لأخيه الأعذار تلو الأعذار، وأن يحسن الظّنّ في أخيه المسلم ما دام لم ير عليه شيئاً يثبته بدليلٍ قاطعٍ لا يحتمل الشّكّ من قريبٍ أو بعيد .
- ومن الأمور التي تبعد الإنسان عن الشّكّ محبته للخلق، فالإنسان المحبّ لمن حوله تراه دائماً يحسن الظّنّ بهم ولا يشكّ بهم، بينما ترى المبغض الحسود يكثر الشّكّ فيمن حوله وتراه يتربّص بالنّاس دائماً حتى يرى منهم ما يحتمل الشّكّ، فيقوم ببثّه بين النّاس كأنّه حقائق ومسلّمات، وبالتّالي فإنّ تهذيب النّفس وجعلها تحبّ النّاس هي من الأمور التي تعين الإنسان على التّخلص من هذه الآفة الذّميمة التي تغضب الله تعالى وتنفّر النّاس في من يحملها، جعلنا الله تعالى جميعا ممن يبتعدون عن هذا الخلق السيء .