تلعب السّياسة دوراً كبيراً في حياة الأمم و مسيرتها نحو التّقدم و الازدهار ، فالدّولة التي تحسن سياسة أمورها الخارجيّة و الدّاخليّة ، هي الدّولة الأقدر على إدارة أمورها و تحسين معيشة شعوبها ، فالسّياسية الجيّدة قد تشكّل لكثيرٍ من الدّول طوق نجاةٍ عند مواجهة التّحديات المختلفة ، و إنّ وجود المطامع بين الشّعوب و الدّول يستلزم على الدّولة الرّاشدة اتخاذ اجراءاتٍ و سياساتٍ تردع المعتدين ، و تعطي الدّولة هيبةً و مكانةً بين الدّول ، و إنّ الدّولة التي لا تحسن سياسة أمورها تكون عرضةً للإنهيار و التّلاشي .
و قد تكلّم النّاس كثيراً في مفهوم وتعريف ومعنى السّياسة و مدى علاقتها بالدّين ، و الحقيقة التي يغفل عنها الكثير أو يتغافلها هي أنّ السّياسية هي جزءٌ من الدّين ، و الدّين جزءٌ من السّياسة ، و قد ألّفت كتبٌ في مجال السّياسة الشّرعيّة التي تتحدّث عن علاقة الحاكم برعيّته و مسؤوليّاته و واجباته ، منها كتاب السّياسية الشّرعيّة لشيخ الإسلام ابن تيميّة ، و كتاب الأحكام السّلطانيّة للماوردي ، و إنّ السّياسة تعبّر لغةً عن الممارسات و المنهج الذي يتّبعه السّلطان عندما يحكم رعيّته ، كما تتعلّق بشكل و هيئة النّظام الحاكم في البلد ، و طريقة الوصول إلى الحكم ، كما تتعلّق السّياسة بشؤون الدّول الخارجيّة و طريقة تعاملها مع دول الجوار ، لذلك فالسّياسّة موضوعٌ هامٌ بل هو أساسيّ في حياة الأمم ، فمن أراد أن يكون سياسيّاً بارعاً عليه أن يتّصف بصفاتٍ معيّنةٍ تؤهّله لخوض غمار السّياسة بكلّ حكمةٍ و بصيرةٍ ، و من هذه الصّفات :
أن يمتلك السّياسي شخصيّةً قياديّةً تؤهّله للتّأثير في النّاس و قيادتهم ، فالشّخص القيادي هو الأقدر على تشكيل جماعات الضّغط السّياسي، و تشكيل الأحزاب السّياسيّة التي تخوض غمار الانتخابات لقيادة البلاد.
أن يمتلك السّياسي مهارات في الخطابة و التّفاوض مع الآخرين ، فحين يكون السّياسي خطيباً مفوهّاً يكون أكثر قدرةٍ على التّأثير في النّاس و إقناعهم ، فربّ فكرةٍ حسنةٍ ناجحةٍ لا يستطيع الإنسان التّعبير عنها لضعف أسلوبه و خطابه .
أن يتحلّى السّياسي بالأخلاق و الصّفات الحسنة ، و إنّ كثيراً من النّاس يظنّون أنّ السّياسي ينبغي له أن يكون مراوغاً يخدع النّاس و هذا خطأٌ كبيرٌ ، فالأصل في السّياسة أن يكون السّياسي متخلّقاً بالصّفات الحسنة التي تكسبه هيبةً و قبولاً بين النّاس .