المساجد
تعد المساجد بيوت الله في الأرض في الدين الإسلامي، يذكر الله فيها عن طريق تلاوة القرآن ورفع الآذان كإعلان عن موعد الصلاة، وينتشر الكثير منها حول العالم يعمرها الناس ويزينونها ويعتنون بها، بل وتظهر فنون الهندسة والعمارة جليا على معظمها، وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم معروفا بين قومه باحسن وأفضل الصفات وأحسنها، حتى أنه كان يقال له "الصادق الأمين" قبل بعثه نبيا للناس كافة، وبعد أن نزل عليه الوحي جاء ليتمم مكارم الأخلاق، مثل المروءة، وإغاثة الملهوف، وصدق العهد والقول، والرفق بالنساء وترك شرب الخمر، وترك الربا والأمانة، والحث على العمل، وترك الكسل والتقاعس، والتواكل على الغير وكثير غيرها.
بناء مسجد قباء
وقد كان مسجد "قباء" أول مسجد بني في الإسلام في المدينة المنورة، وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم ساهم بجهوده الخاصة في البناء إلى جانب صحابته في حركة عنت الكثير، وكان لها أبعاد رمزية مفادها أن القائد لا يسكن برجه العاجي بل هو جزء من مجتمعه فيبنيه بكلتي يديه دون خجل أو مترفع عن غيره من الناس، وبأن العمل عبادة أيضا، وبأنه لا يتهرب من مسؤولياته أو يتركها لغيره لينجزوها ولا يتوكل عليهم، بل علم النبي محمد صحبه بأن يتوكلوا على الله وحده، كما أن مشاركته المباشرة رغم تقدمه في السن تدل على سواسية الناس لديه فكرا وعملا، فهو ليس احسن وأفضل منهم بمجرد أنه النبي، بل يخضع لمقياس الإسلام الوحيد للتفاضل وهو "التقوى".
كما أن الذي يرى النبي وقد كان وقتها بمثابة "الحاكم" يبني المسجد إلى جانب من بنوه يسرع لمد يد العون ويصب جهوده إلى جانب جهود إخوانه، فعمل النبي يحث كثيرين على التعاون والمساعدة والشعور بالغير، وتأتي خطوة مشاركة الرسول عليه الصلاة والسلام المباشرة في بناء المسجد في إطار التطبيق العملي لدعوته.
جاء الإسلام ليبني مجتمعا احسن وأفضل وأكثر عدلا ومساواة ورحمة وتسامحا وأمانة، ولم يكن من المنطقي أن يكون كلام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مجرد شعارات رنانة، أو نظريات، أو مجرد كلمات وعبارات جميلة وليست واقعية، بل توج الأفكار التي حملها وآمن بها وانطلق ينشرها واقعا وعملا يرسخ قوة هذا الدين.
يجدر بالذكر أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يعتبر المعلم الأول لكل الأزمنة لما اتصف به من حكمة وعطف وأخلاق يقتدى بها، ولا زال فكره ساريا حتى الأن في كل مكان ، لذلك لا زال هديه وكلامه مدعاة للإعجاب والاقتداء ولا زال كثر متأثرون بروعته قديما وحتى يومنا هذا.