قيام الليل
لقد أنعم الله علينا بالإسلام، وكانت الصلاة من أهم ما يربط الإنسان بربه، وقد جعل منها تعرف ما هو فرض ومكتوب، تؤدى بأوقات زمنية معينة، وجعل منها تعرف ما هو نافلة، يتقرب الإنسان بها إلى ربه في كل وقت وكل حين، والنوافل كثيرة، منها صلاة الضحى التي تؤدى في وقت الضحى، وصلاة التسابيح، والتي تعد من الصلوات التي يستحب على الإنسان تأديتها، وفضلا عن صلاة قيام الليل، والتي تعتبر مفتاحا لقرب العبد من ربه.
وقت قيام الليل وفضله
قيام الليل هو من النوافل التي جعلها الله سبحانه وتعالى لتكون سببا في زيادة الصلة بين العبد وربه، وقد كان لنا رسولنا الكريم القدوة الحسنة في جميع مجالات الحياة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يقوم الليل وحث أهله وأصحابه على المواظبة والمحافظة على هذه النافلة، لما لقيام الليل من فضل وأجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى.
ويكون قيام الليل من بعد صلاة العشاء حتى وقت صلاة الفجر، ولكن الثلث الأخير من الليل هو احسن وأفضل وقت لقيام الليل، ويستحب الصلاة وقراءة القرآن والاستغفار في هذا الوقت، ففيه يتنزل رب الكون إلى السماء الدنيا مناديا هل من مستغفر فأغفر له. ويعتبر قيام الليل دليلا واضحا وصريحا على قوة إيمان الإنسان، لأنه يلبي نداء الله، تاركا لذة النوم ولذة الحياة الدنيا، ليقف أمام يدي رب الكون داعيا، وراجيا المولى أن يغفر له ويرحمه ويهدي قلبه ويشرح صدره للإيمان، ولم تحدد عدد ركعات قيام الليل، فكل إنسان يصلي العدد الذي يقدر عليه، فديننا دين يسر لا عسر؛ لذلك فتارك صلاة قيام الليل لا يعاقب، ولكنه يخسر أجرا ومكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى.
قيام الليل والدعاء المستجاب
لقد اقترن الدعاء المستجاب بصلاة قيام الليل، فخلوة عبد فقير بين يدي رب غني كريم من أحب الأعمال إلى الله لأنها تظهر عبودية الإنسان لربه، فهناك من القصص والمواقف التي تثبت صحة هذا القول، فكم من مريض نادى ربه في سكون الليل الهادئ أن يشفيه فشافاه! وكم من عقيم لم يجنب الأطفال، فقام الليل متهجدا قارئا للقرآن، طالبا من الله ألا يذره فردا وهو خير الوارثين، فيكون الجواب على بعد ساعات، أو أيام قليلة، يبهج سريرته، ويجبر قلبه، وكم من فقيرا أصبح غنيا بسبب قيام الليل! فعلى الإنسان أن يستغل مثل هذه النوافل المستحبة ليفوز بالحياة الآخرة قبل أن يتحسر على ما ترك من طاعات وعبادات.