مقدمة
لقد أحدث الهاتف ثورة كبيرة في الاتصالات، وفي تواصل الناس مع بعضهم البعض، ذلك أن هذا الجهاز مكن الناس من التكلم مع بعضهم البعض وتناقل المعلومات المختلفة فيما بينهم حتى لو اختلفت أماكنهم، وبعدت المسافات بينهم، من هنا فإنه من الممكن أن نقول أن الهاتف يعتبر واحدا من أبرز الأجهزة على الإطلاق، كما أنه الأساس لما جاء بعده من أجهزة في عالم الاتصالات، حيث أصبح الهاتف اليوم بأشكال أخرى منها الهاتف المحمول، الذي تطور هو الآخر وصار جهازا ذكيا له العديد من المهام المختلفة.
الهاتف بين ميوتشي وجراهام بل
يسود اعتقاد خاطئ أن ألكسندر جراهام بل هو أول من توصل إلى اختراع للهاتف، حيث تم نفي هذا الاعتقاد في جلسة لمجلس نواب الولايات المتحدة الأمريكية، فقد قرر المجلس في الجلسة التي تحمل الرقم مئتين وتسعة وستين أن أنطونيو ميوتشي هو مخترع جهاز الهاتف الأول، وقد جاء هذا الاعتراف بعد مرور ما يقترب من مئة وثلاثة عشر عاما على وفاة المخترع الإيطالي، الذي وافته المنية في الثامن عشر من شهر أكتوبر من العام ألف وثمانمئة وتسعة وثمانين.
اهتم أنطونيو ميوتشي خلال حياته بتعلم سلوك الموجات الصوتية، إلى أن استطاع في العام ألف وثمانمئة وستة وخمسين من الميلاد من نقل الصوت من مكان إلى آخر في ذات المنزل الذي يعيش فيه باستعمال أسلاك يمتلكها عنده، وكما يقال أن الحاجة أم الاختراع؛ فنطرا إلى مرض زوجته حيث صارت غير قادرة على الحركة أبدا، استطاع المخترع إيصال سلك من غرفة النوم إلى المختبر الذي كان يعمل فيه، حيث صار قادرا على التحدث إلى زوجته مع بعد المسافة. وقد طلب ميوتشي من أصدقائه أن يبحثوا له عن ممولين قادرين على تمويل مشروع الجديد القائم على هذه الفكرة إلى أن أحدا منهم لم يفلح بهذا الأمر نظرا إلى انشغال إيطاليا ببعض المشاكل وعيوب والحروب التي كانت تحيق بها في تلك الأثناء، فلم يجد بدا من أن ينشر الفكرة في الصحيفة التي كانت معروفة باسم (صحيفة نيويورك الإيطالية).
في العام ألف وثمانمئة وستة وسبعين من الميلاد، استطاع ألكسندر غراهام بل أن يحصل على براءة اختراع نتيجة لاختراعه جهاز الهاتف، وقد جاء هذا الاختراع بعد عثوره على نموذج لاخترع ميوتشي، وقد كانت براءة الاختراع هذه متعلقة بشكل رئيسي بطريقة نقل الصوت تلغرافيا عبر تموجات تشترك في الشكل مع ما يترافق مع الأصوات عادة من ذبذبات هوائية مختلفة. وعندما أعد ألكسندر جراهام بل براءة الاختراع استطاع أن يتفق مع جماعة من المستثمرين على تقاسم أرباح انتشار هذا الجهاز في الولايات المتحدة الأمريكة، كما حاول أيضا الحصول على براءات اختراع أخرى خارج الولايات المتحدة الأمريكية. أما أنطونيو ميوتشي فقد أفلس وصار منضما إلى طبقة الفقراء المعدمين.