القرآن العظيم
القرآن الكريم هو أعظم كتاب في الكون كله، فهو كلام الله تعالى، والله تعالى هو العظيم العليم ولا يمكن لكلامه إلا أن يكون كذلك، ففي هذا الكتاب الكثير من المعجزات، ولا يمكن لكتاب يحتوي على الكلام الأعظم في الكون إلا أن يبتدئ بكلام عظيم يقدم للإنسان ما فيه الفائدة، فنحن في العادة نعرف عظمة الكتاب من مقدمته، وهكذا هو الأمر في القرآن الكريم والذي ابتدأه الله تعالى بسورة الفاتحة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد بن المعلي رضي الله عنه: (لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد.. فقال.. الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).
التعريف ومعنى بسورة القاتحة
- سورة مكية
- من سور المثاني
- نزلت بعد سورة المدثر.
- عدد آياتها سبعة مع البسملة
- الجزء ( 1 ) ، الحزب ( 1 ) الربع ( 1 ).
- السورة الأولى في ترتيب المصحف الشريف .
- تبدأ السورة بأحد أساليب الثناء " الحمد لله" لم يذكر لفظ الجلالة إلا مرة واحدة وفي الآية الأولى
سبب تسميتها بالفاتحة
تسمى سورة الفاتحة بهذا الاسم لأن القرآن الكريم يستفتح بها ، كما أنها تسمى بأم الكتاب وذلك لأنها جمعت مقاصد القرآن الأساسية بالضافة إلى دة تسميات منها ؛ السيع مثاني ، الشافية ، الوافية ، الأساس ، الحمد ، الكافية.
محور مواضيعها
- الاعتقاد باليوم الآخر.
- أصول الدين و فروعه.
- العقيدة ، العبادة ، التشريع.
- الإخبار عن قصص الأمم السابقين .
- الإطلاع على معارج السعداء و منازل الأشقياء.
- الإيمان بصفات الله الحسنى و إفراده بالعبادة و الاستعانة و الدعاء .
- التوجه و التقرب إلى الله عز وجل بطلب الهداية إلى الدين و الصراط المستقيم .
سبب نزولها
عن أبي ميسرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا برز سمع مناديا يناديه : " يا محمد ، فإذا سمع الصوت انطلق هاربا ، فقال له ورقة بن نوفل : إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك . قال : فلما برز سمع النداء : " يا محمد " فقال : لبيك ، قال : قل : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، ثم قال : قل : ( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ) حتى فرغ من فاتحة الكتاب . وهذا قول علي بن أبي طالب .
فضلها
روى الإمام أحمد في مسنده أن أبـي بن كعب قرأ علي الرسول أم القرآن الكريم فقال رسول الله : " والذي نـفسي بـيده ما أنـزل في التـوراة ولا في الإنـجيل ولا في الزبـور ولا في الفرقـان مثلها ، هي السبـع المثانـي والقـرآن العظيم الذي أوتـيتـه " فهذا الحديث يشير إلى قول الله تعالى في سورة الحجر ( ولقد آتـيـناك سبعا من المثانـي والقرآن العظيم )
شرحها
" بسم الله الرحمن الرحيم "إن حياة الإنسان كلها تبدأ وتنتهي باسم الله، فقد كانت الآية الأولى التي تتنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم هي (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، فبداية القرآن كانت باسم الله وعلى كل مسلم أن يبدأ باسم الله أيضا، وكما تبدأ هذه المقدمة للقرآن الكريم باسمين آخرين من أسمائه تعالى اختارهما ليبدأ بهما كتابه وهما الرحمن الرحيم، فلم يبتدئ القرآن بالعظيم ولا العليم ولا القوي، وهذا ليعلم المسلم أن هذا كتاب رحمة، وأن الله تعالى يعامل الإنسان بالرحمة قبل كل شيء آخر.
" الحمد لله رب العالمين " فكل ما يعيش فيه الإنسان من نعيم وحتى إيمان الإنسان وإسلامه هو من فضل الله تعالى عليك، فلو لم ينعم الله تعالى عليك لما استطعت حتى قراءة القرآن الكريم أو هذه الآية، ولهذا فحياة الإنسان كلها سبب ليحمد الله تعالى عليها، ولا نعمة تزول إذا ما حمد الإنسان الله تعالى عليها، فبالحمد تدوم النعم، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطاه احسن وأفضل مما أخذ" .
"الرحمن الرحيم"
إن أرحم الخلق بالخلق ، الرسول صلى الله عليه وسلم، ورحمته صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى كل الرحمة الموجودة في الدنيا هي جزء من رحمته تعالى، فلذلك هو الرحمن وهو الرحيم؛ ففي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم: "إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن، والإنس، والبهائم، والهوام، فبها يتعاطفون وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة”، وهذا هو الاسم الذي يجمع جميع صفاته الأخرى، فقوته ولطفه وأفعاله نابعة من رحمته تعالى.
"مالك يوم الدين" ففي هذه الآية يبين لنا الله تعالى أن غاية الإنسان هي عبادة الله، وفيها ردع للإنسان عما يفعل من آثام وحث على اتباع الهدي في حال عقلها ووعيها، فهو مالك يوم الدين الذي فيه حساب من دون عمل، والذي إذا جاء لا تملك كل نفس إلا ما كسبت من العمل الصالح، فهو مالك ذلك اليوم العظيم الذي لا ملك فيه لأحد غيره تعالى. فلأنه هو المالك ليوم الدين وللدنيا كانت الآية التي بعدها:”إياك نعبد وإياك نستعين”، فعبادة الله تعالى هي الغاية من خلق الإنسان، ولأنه تعالى هو الرحمن الرحيم وهو المالك لكل شيء نستعين به، فلا احسن وأفضل من الاستعانة بملك الملوك الرحيم بعباده، فمن عرف الله تعالى خاف عقابهء وطمع في رحمته فلا يعصيه.
"اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" فهذا هو الصراط الذي وضعه الله تعالى لعباده والذي بينه لهم عن طريق القرآن، ومن خلال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أكبر مثال لهذا الصراط؛ فهذا الصراط لمن تعمدهم الله تعالى برحمته ممن عملوا الصالحات والذين أنعم الله تعالى عليهم بالإسلام والهدى، فهو الصراط الذي لا يسير عليه المغضوب عليهم أو الضالون، فأما المغضوب عليهم فهم من عرفوا الله تعالى وعصوه، فغضب الله تعالى عليهم، وأما الضالون فهم من لم يعرفو الله تعالى ولهذا لم يعرفوا الصراط المستقيم.
إن هذه السورة هي السورة العظيمة التي ابتدأ فيها الله تعالى القرآن، والتي جعل قراءتها واجبة في الصلاة التي تعتبر وسيلة اتصال العبد بربه، فلا يمكنك أن تتم مناجاة الله تعالى في الصلاة ولا أن تصح مناجاتك له في السجود والركوع من دون أن تقرأ هذه السورة لتذكرك بعظمة من تخاطب، وتذكرك بالمعنى من وراء الدين العظيم الذي تتبعه، وشرح هذه السورة يطول فقد تفكر فيها العلماء والناس منذ نزولها إلى وقتنا هذا، وما زالوا يتوصلون إلى معاني جديدة من خلال التفكر بأحرف وكلمات وعبارات وآيات هذه السورة التي ابتدأ الله تعالى بها كتابه المعجز.