سور القرآن الكريم
يحتوي القرآن الكريم بين دفتيه على مئة وأربع عشرة سورة، وتصنف هذه السور إلى مدنية ومكية وفقا لمكان نزولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتمحور معظم هذه السور حول العقيدة وبيانها وتقريرها، وكما تتضمن عددا من الأمثال، وكما تصنف سور القرآن الكريم وفقا لطولها إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي السبع الطوال وتندرج تحتها سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والتوبة، والسور المئون وهي السور التي يتجاوز عدد آياتها المئة آية، والسور المثاني وهي ما تجاوز عدد آياتها مئتين آية.
ومن الجدير بالذكر أن كل سورة من سور القرآن الكريم تتناول موضوعا ما أو عدة مواضيع بين آياتها، وتتفاوت السور فيما بينها بعدد آياتها، ويفتتح الكتاب بسورة الفاتحة، ويختتم بسورة الناس والبالغ عدد آياتها ست آيات، ونسلط الضوء في هذا الموضوع على سورة الحجرات.
سورة الحجرات
نزلت سورة الحجرات على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة لذلك تصنف ضمن السور المدنية، وتركز هذه السورة على مظاهر التأدب والاحترام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتمثل ذلك بعدم رفع الصوت فوق صوته صلى الله عليه وسلم، والدعوة لتبجيله وتمجيده بعدم مناداته باسمه محمد، وكما تنادي باحترام حرمات منازل أمهات المؤمنين، وتنفيذ أوامر رسول الله والامتثال لها وعدم مخالفتها.
يبلغ عدد آيات سورة الحجرات ثماني عشرة آية، وهي في الترتيب التاسع والأربعين بين سور القرآن الكريم، وتقع في الجزء السادس والعشرين في الحزب الثاني والخمسين ضمن الربعين السادس والسابع، وجاء نزولها بعد سورة المجادلة، وتدرج ضمن السور المثاني.
التسمية
جاءت تسمية سورة الحجرات بهذا الاسم من محور حديث السورة حول ضرورة احترام حرمة بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجرات أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن.
سبب النزول
تختلف ما هى اسباب النزول بين آية وأخرى في سورة الحجرات، وتكمن ما هى اسباب النزول وراء كل آية على النحو التالي: الآية الأولى: ارتفاع أصوات الصحابة عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن جاء وفد من بني تميم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الخلاف حول مرسل الركب، فنزلت الآية الكريمة للنهي عن رفع الصوت أمام الرسول صلى الله عليه وسلم.
جاءت هذه السورة لتؤدب المسلمين في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم رفع الصوت أمامه، وكما تبين السورة الكريمة الأجر العظيم الذي يناله المسلم من خفض صوته وتأدبه بالحديث مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتظهر في الآيتين الرابعة والخامسة الدعوة لاحترام حرمات أمهات المؤمنين رضوان الله عنهن، إذ تدعو لعدم المناداة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في حجرته، ووصف الله تعالى من يفعلون ذلك بأنهم لا يعقلون، أما في الآية الخامسة دعا الله سبحانه وتعالى إلى ضرورة التحقق من الأخبار والتأكد منها وعدم التسرع في نقلها والأخذ بها حتى لا يندم المسلم في وقت لا ينفع به الندم.
وبين الله سبحانه وتعالى في الآيات الكريمة مدى خطورة الكفر والمعاصي على المسلمين وعظم عذاب الله تعالى، وتطرقت السورة لفضل الإيمان، وفي الآيتين التاسعة والعاشرة بين الله سبحانه وتعالى ضرورة الإصلاح بين المؤمنين وردعهم عن البغضاء والحقد، لأن المؤمنين إخوة ولا يجوز استمرار الحقد والكراهية بينهم.
وتضمنت الآيات الكريمة نهي الله سبحانه وتعالى عباده المسلمين عن السخرية والاستهزاء بالآخرين، كما بينت مدى حرمة التنابز بالألقاب، وتدعو الآيات أيضا إلى إحسان الظن وعدم اتباع كثرة الظنون لما لها من أثر سلبي على حياتهم، وركزت على عدم وجود فرق بين المؤمنين عند الله سبحانه وتعالى وأن تقوى هو المعيار الوحيد للمفارقة بينهم.