الفرق بين المكي والمدني
إن للقرآن أهمية وفائدة عظيمة في حياة البشر، فسعوا إلى التدبر بآياته، والتفقه بأحكامه قدر المستطاع، من أجل الوصول إلى حل مشكلاتهم الحياتية التي تعترض طريقهم، كيف لا؟ وكتاب الله العظيم هو آخر الكتب السماوية نزولا على البشر، فتضمن القرآن كل أحكام وجوانب الحياة؛ ليكون الدليل الذي يهتدى به في هذه الحياة.
عند تفحص العلماء وتدبرهم بالقرآن الكريم، اختلفوا في تصنيف القرآن الكريم إلى مكي ومدني، فكان هناك العديد من النواحي التي ينظر لها عند التصنيف، اعتمادا على: زمن نزول الآية أو السورة الجاري الحديث عنها، أو مكان نزولها، أو المخاطب الذي تخاطبه السورة أو الآية، وسنتناول في هذه المقالة أهم الفروق بين القرآن المكي والمدني من حيث التعريف.
تعريفات المكي والمدني
التصنيف بناء على الزمان
يقصد بالمكي، كل ما نزل من القرآن قبل هجرة الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام سواء أنزل بمكة أم بغير مكة، في حين أن المدني يعرف على أنه نزول القرآن بعد الهجرة وإن كان النزول في مكة، أي تم اتخاذ الهجرة كأساس لتصنيف القرآن بغض النظر عن مكان النزول.
التصنيف بناء على مكان النزول
هذا التصنيف يتخذ من مكان النزول أساسا للتصنيف، فما نزل في مكة فهو مكي، وأن ما نزل في المدينة فهو مدني، بغض النظر عما إذا نزل قبل الهجرة أو بعدها، ولكن من مآخذ هذا التصنيف هو عدم حصره لجميع الأماكن التي نزل فيها القرآن، فالآية الكريمة "واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون"، فهذه الآية نزلت ليلة الإسراء والمعراج ببيت المقدس.
التصنيف بناء على المخاطب
هذا التصنيف يتخذ من المخاطب في الآية أساس التصنيف، بمعنى الآيات أو السور الموجهة لأهل مكة تعد مكية، والتي تخاطبعم عادة بـ "يا أيها الناس"، أما الخطاب الموجه لأهل المدينة فهو مدني، والخطاب فيه عادة يبتدئ بـ "يا أيها الذين آمنوا"، ولكن المآخذ على هذا التصنيف هو عدم حصره، حيث يوجد آيات لا توافق الحالتين السابقتين، كقوله تعالى: "إإنا أعطيناك الكوثر"، ومن المآخذ الأخرى على هذا النوع من التصنيف؛ أن بعض السور المدنية فيها "يا أيها الناس" مثل سورة البقرة التي فيها آية "يا أيها الناس اعبدوا ربكم" ، وسور أخرى مكية فيها "يا أيها الذين آمنوا" مثل سورة الحج والتي فيها آية "يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون". يرجح التعريف ومعنى الأول على أنه هو الأدق من بين التعريفات الثلاثة السابقة، كونه يتفق عليه أغلب العلماء في تعريف ومعنى المكي والمدني.