الصبر
الصبر من صفات المؤمنين، وهو من الأعمال التي يجزي الله صاحبه الكثير من الأجر، فالصبر على الابتلاء يحتاج إلى إيمان صادق في القلب ويقين بأن هذا الابتلاء من عند الله عز وجل وهو القادر على كل شيء. الإيمان بالقدر خيره وشره من أركان الإيمان، فيجب أن يكون المسلم شاكرا لله تعالى في السراء والضراء، فهذه الحياة تزخر بالكثير من الابتلاءات لأنها هي دار الابتلاء والعمل، فقد يكون الابتلاء في المال، أو الأولاد، أو الصحة، ويجزي الله تعالى المسلم على حسب تصرفه، وكثيرا ما نسمع عن صبر أيوب عليه السلام، الذي يضرب به المثل عند الوقوع في الابتلاء، فما قصته؟؟
صبر أيوب عليه السلام
أيوب عليه السلام من ذرية سيدنا يوسف عليه السلام، وقد أنعم الله تعالى عليه بالكثير من النعم، فاصطفاه الله تعالى لدعوة الناس إلى عبادته عز وجل، وتزوج من سيدة عفيفة، ورزقه الله منها الكثير من الأبناء ذكورا وإناثا، كما رزقه المال الكثير والأراضي التي يزرعها ويحصد ثمارها، ورزقه بقطعان من الماشية التي يشرب من لبنها ويأكل من لحمها.
وقد كان أيوب عليه السلام كثير الخير، فكان لا يبيت إلا ويقدم ما يستطيع لمساعدة الفقراء والمساكين، فالله أنعم عليه بهذه النعم الكثيرة وهو استغلها لمساعدة عباد الله المحتاجين، وكان يقوم على رعاية الناس، واستمر على هذه الحال من العطاء والرخاء مدة ثمانين عاما.
ثم أصابه الله تعالى بالبلاء حيث ذهب بأولاده جميعا ولم يبق له أحد، كما خسر جميع أمواله وأراضيه ومواشيه، وأصابه بمرض في جسمه ينفر الناس منه، لذلك بقي وحده في البيت مع زوجته لا أحد يزوره ولا يزور أحدا، وأخذت زوجته تعمل لدى الناس لتحصل على القليل من الطعام والشراب لها ولزوجها، وبعد فترة خاف الناس أن تنقل زوجة أيوب عليه السلام المرض إليهم فلم يقبل أحد بعملها لديه، فباعت إحدى ضفيرتيها لتحصل على بعض الطعام، ثم باعت الأخرى ولم تخبر أيوب عليه السلام.
عندما اشتد البلاء طلبت منه أن يدعو الله أن يكشف ما بهم من مصائب، فرد عليها أنه لم يمض في هذا البلاء ما مضاه في حالة الرخاء وهو يستحي أن يطلب من الله، وعندما سألها عن مصدر الطعام الذي تحصل عليه كشفت عن رأسها ليجد أنها باعت ضفيرتيها، فدعا الله تعالى((ربي إني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين )).
نتيجة صبر أيوب عليه السلام
بعد أن صبر أيوب عليه السلام على الابتلاء وعندما دعا الله عز وجل كشف الله عنه البلاء، وشفاه من جميع أمراضه وأعاده طبيعيا حتى أن زوجته عندما رأته لم تعرفه في البداية، كما أعاد الله لزوجته الشباب إكراما لها على إيمانها وعلى صبرها على ابتلاء زوجها، ورزقهم ستة وعشرين من الأولاد إناثا وذكورا، وهناك من يقول أنهم كانوا من الذكور فقط.
من كرم الله تعالى لأيوب عليه السلام أيضا أن أخرجه من مأزقه عنما حلف بضرب زوجته مئة جلدة بالسوط، حيث أمره أن يأخذ رزمة من القش ويضرب بها زوجته ليبر بيمينه، فهكذا يكون صبر الزوجه وجزاؤها، ومما يجدر ذكره أن هذه القصة مبنية على روايات تاريخية وليس على ما جاء في القرآن الكريم.