عمر بن الخطاب
ثاني الخلفاء الراشدين، وهو الفاروق عمر بن الخطاب العدوي القرشي المكنى بأبي الحفص، ويطلق عليه لقب الفاروق وأمير المؤمنين، وصاحب بصمة مهمة في التاريخ الإسلامي، وينضم للعشرة المبشرين بالجنة، وبلغ الدين الإسلامي في فترة توليه الخلافة أوج ازدهاره، واتسعت الرقعة الاسلامية في عهده حتى شملت العراق وليبيا وبلاد الشام ومصر وبلاد فارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينيا وسجستان.
جاء لقب الفاروق الذي أطلق عليه لعدالته، إذ كان مميزا للحق عن الباطل، وكان منصفا لجميع الناس دون التمييز بينهم بغض النظر عن ديانتهم، وكان قد تولى الخلافة الإسلامية في سنة 634 م بعد وفاة خليفة المسلمين أبي بكر الصديق في السنة الثالثة عشر للهجرة، ومن أبرز آثاره أنه أوجد التقويم الهجري، وهو أول من فتح مدينة القدس وضمها إلى رقعة الدولة الإسلامية، وكما قاد جيوشا إسلامية لتقف في وجه الفرس ذوي القوة من خلال حملات عسكرية، وحقق مراده ففتح بلاد الفرس في غضون سنتين.
حياة عمر بن الخطاب
ولد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في السنة الأربعين قبل الهجرة، عام 590م في مكة المكرمة في شبه الجزيرة العربية، وكان ميلاده بعد مرور ثلاثة عشر عاما على عام الفيل، وكان يقطن في جبل العاقر حيث مضارب بني عيد بن كعب، وفي وقتنا الحاضر يحمل الجبل اسم عمر، تعلم عمر بن الخطاب القراءة والكتابة في صغره وتمكن من التميز عن أقرانه، وعاش حياة صعبة في ظل والده تملؤها الغلظة والشدة، وامتهن الرعي فكان يرعى إبل والده وخالاته من بني مخزوم، ويعد فارسا شجاعا، وتعلم الشعر والمصارعة، وامتهن التجارة وقد تعلمها بعد ذهابه عدة مرات إلى أسواق العرب، ومنها سوق عكاظ وسوق ذي المجاز، فأصبح بفضل عمله بالتجار ثريا من أثرياء مكة المكرمة، وشارك في رحلتي الشتاء والصيف إلى اليمن وبلاد الشام بالترتيب، كان عمر بن الخطاب يتبع قومه قريش في ديانتهم الوثنية.
شخصية عمر بن الخطاب
من أبرز صفات عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجسدية أنه كان أبيض اللون يمتزج به بعض الاحمرار، ورأسه أصلع، ولحيته طويلة، وله شاربان طويلان، ويقال إنه أصبح أسمر اللون بعد أن عانى مع المسلمين من المجاعة التي لحقت بهم في عام الرمادة.
يدرج اسم الفاروق عمر بن الخطاب في قائمة أكثر الشخصيات تأثيرا في تاريخ البشرية، فيحتل المرتبة الثانية والخمسين، وكما يعد من أكثر القادة السياسيين بروزا على مر التاريخ، وكشف عن حنكته وبراعته في السياسة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعود له الفضل في مبايعة خليفة أبي بكر الصديق، كما كان يعاونه في أمور الدولة المتسعة الأبعاد يوما تلو الآخر، ولم يكن ذكاء وعبقرية الفاروق مقتصرة على السياسة فقط، بل شملت الأمور العسكرية، حيث كان ذا استراتيجية عسكرية باهرة، وكان له دور بالغ الأهمية وفائدة في وضع الخطط الاستراتيجية للجيوش الإسلامية التي شاركت في حروب الردة، وغيرها الكثير من العمليات العسكرية التي أبرزت ما يمتلكه من ذكاء وحنكة.
إسلام ابن الخطاب
تعتبر قصة إسلام الفاروق عمر بن الخطاب من أشهر القصص التي شهدها التاريخ الإسلامي، فبعد أن كان من ألد الأعداء للدين الإسلامي رقق الله سبحانه وتعالى قلبه وأدخله الإسلام من أوسع أبوابه، فبينما كان عمر في طريقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصبا الشر بين عينيه، وفي غضون ذلك التقى بنعيم بن عبد الله العدوي القرشي أحد المسلمين سرا، فسأله عن مقصده فأشار إلى مقصده بأنه باغيا رسول الله صلى الله عليه وسلم متهما إياه بتفرقة قريش وإهانتها، فأشار له القرشي بأنه من الأولى أن يطلع على أمر أهل بيته الذين اعتنقوا دين محمد صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو قد أسلما، فاتجه إلى بيتهما تنتابه موجة من الغضب فتفاجأ بالصحابي الجليل خباب بن الأرت يعلمهما القرآن الكريم، فأقدم على زوج أخته وأخته فاطمة حتى شق وجهها، فوقع الكتاب العزيز من يدها، فانحنى ليلتقط الصحيفة فمنعته أخته من لمسها إلا بعد أن يتوضأ، وبالفعل امتثل لأمرها وأرشدوه إلى الوضوء وبدأ يقرأ القرآن الكريم فاستفتح إسلامه بسورة طه، فاهتز قلبه وارتعش فأعلن إسلامه فورا، وصادف ذلك السنة الخامسة للبعثة.
الخلافة
بويع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد وفاة خليفة المسلمين أبي بكر الصديق للخلافة، وجاء اختياره كخليفة بعد أن عجز الصحابة رضوان الله عليهم في انتقاء خليفة ومبايعته فأوكلوا إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أمر اختيار خليفة، فأشار إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبالفعل تمت مبايعته من قبل المسلمين.
اغتيال عمر بن الخطاب
امتدت أيادي الغدر لتطول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأقدم أبو لؤلؤة المجوسي على اغتياله أثناء أدائه صلاة الفجر، وكان ذلك بعد أن عاد من أداء فريضة الحج، في فجر السادس والعشرين من شهر ذي الحجة في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، وحمله المسلمون إلى بيته وكان غارقا بدمه، ولحق المسلمون بأبي لؤلؤة ومن معه للقبض عليه فتعرض ثلاثة عشر رجلا للطعن وتوفي ستة رجال أثناء المطاردة.
عمر بن الخطاب وزوجته
ذكر في بطون كتب سير الصحابة رضوان الله عليهم عن حسن أخلاق الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التعامل مع زوجاته، إذ كان لا ينادي زوجته إلا بـ" يا بنت الأكرمين" إكراما لأهلها.
أما فيما يتم تداوله حول قصة الرجل الذي جاء إلى الفاروق ليشكوه لزوجته فسمع من خلف الباب صوت زوجة الفاروق يعلو على صوته فقد اختلفت الروايات في صحتها.
زوجات عمر بن الخطاب
أنجب الصحابي الجليل عمر بن الخطاب ثلاثة عشر ولدا، وتزوج ما يفوق سبع نساء في عهدي الجاهلية والإسلام، وطلق منهن بعض النساء، أي لم يجتمعن على ذمته معا، وأولاده هم: عبيد الله، وزيد الأكبر، وزيد الأصغر، وعاصم، وعياض، وعبد الرحمن الأكبر، وعبد الرحمن الأوسط، وعبد الرحمن الأصغر، وفاطمة، ورقية، وحفصة، وعبد الله، وكان قد تزوج بثلاث نساء في الجاهلية وأربع في الإسلام، وهن:
قريبة بنت أبي أمية
وهي ابنة أبي أمية بن المغيرة بن مخزوم، أصولها من بطون قريش، وهي أخت أم المؤمنين أم سلمة، ووقع الطلاق بينهما بعد أن اعتنق الفاروق الإسلام وأصرت هي على شركها، وكان ذلك بعد صلح الحديبية، وتزوج منها معاوية بن أبي سفيان قبل أن يعتنق الإسلام، فلما أسلم وبقيت على شركها طلقها أيضا.
أم كلثوم مليكة بنت جرول
وهي والدة كل من أبنائه زيد وعبيد الله، وطلقها أيضا بعد أن اعتنق الإسلام وبالتحديد بعد صلح الحديبية، وبقيت على شركها وتزوجت من المشرك أبي جهم بن حذيفة.
زينب بنت مظعون
وهي أخت الصحابي الجليل عثمان بن مظعون، وهي ابنة مظعون بن حبيب بن وهب، تنحدر من أصول قرشية، تزوجها قبل إسلامه، واعتنقت الإسلام معه ورافقته في هجرته إلى المدينة المنورة، وأنجبت له عبد الله وحفصة وعبد الرحمن.
جميلة بنت ثابت
وكان اسمها قبل الإسلام عاصية، وأطلق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم جميلة، وهي أخت الصحابي عاصم بن ثابت رضي الله عنه، تزوجها الفاروق في السنة السابعة للهجرة، وأنجبت له عاصم في العهد النبوي ثم افترقا، وأنجبت عبد الرحمن بعد زواجها من الصحابي الجليل زيد بن حارثة.
عاتكة بنت زيد
وهي ابنة عم الفاروق، اشتهرت بفصاحة لسانها وبلاغتها، وهي إحدى الصحابيات الجليلات، وهي عاتكة بنت زيد بن عمرو العدوية القرشية، أخت الصحابي المبشر بالجنة سعيد بن زيد، أسلمت فحسن إسلامها، وكانت زوجة عبد الله بن أبي بكر وعندما استشهد في غزوة الطائف تزوجت من الفاروق وبعد مقتله تزوجت بالزبير بن عوام.
أم حكيم بنت الحارث
تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنجبت له ابنته فاطمة، وهي ابنة الحارث بن هشام بن مخزوم، ذات أصول قرشية، وكانت متزوجة من عكرمة بن أبي جهل وبعد مقتله في معركة اليرموك تزوجت من خالد بن سعيد بن العاص، وبعد مقتله في يوم مرج الصفر تزوجت بالفاروق.
أم كلثوم بنت علي
تنحدر أم كلثوم من خير نسب فأمها فاطمة الزهراء، وجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يطلق عليها أيضا باسم زينب الصغرى، ووالدها الصحابي الجليل علي بن أبي طالب.