الحب
بالرغم من اختلاف الأعمار والأجناس والجنسيات والظروف، إلا أن هناك رابطا واحدا مشتركا يربط جميع الناس بعضهم ببعض، ألا وهو الحب، حيث تعتبر حياة الإنسان حياة مليئة بينابيع العواطف الجياشة، فالإنسان عاطفي بطبعه وبتصرفاته مع الآخرين، وهو في أمس الحاجة لتلك العواطف من أجل تسيير حياته بالطريقة التي تناسبه.
ويعتبر الحب من أكثر هذه العواطف ضرورة، فمن خلاله تزدهرالعلاقات ويسود التآلف بين الناس، وتزال الكراهية والبغضاء من القلوب، وتتصافى بوجوده النفوس، لذلك فقد جعل له يوم يكون بمثابة عيد ويوم رمزي لدى الكثير من الشعوب وبخاصة الشعوب الأوروبية، والذي أطلق عليه "عيد الحب".
يوم عيد الحب
انطلق عيد الحب في بعض أنحاء العالم كمناسبة يحتفل بها الكثير من الناس، حيث يتم الاحتفال فيه في يوم الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام، واعتبر هذا اليوم إحياء لمعاني الحب وإفراغ لمكنونات العواطف والوجدان، حيث يقوم فيه المتحابون بتبادل الهدايا والورود الحمراء فيما بينهم تعبيرا عن مدى حبهم لبعض، إضافة إلى غيرها من شتى الطرق ووسائل التي يتم من خلالها التعبير عن مفهوم وتعريف ومعنى هذا الحب.
نشأة عيد الحب
يعود تاريخ هذا العيد في نشأته إلى عصور الرومان الوثنيين، حيث كانت الوثنية قبل أكثر من سبعة عشر قرنا هي الديانة الشائعة لدى الرومان، وقد شكل هذا العيد في مفهومه لديهم تعبيرا عن الحب الإلهي، ثم تباينت الأساطير فيما بعد وتعددت القصص والروايات فيما يتعلق بنشأة هذه المناسبة عند الرومان ومن تبعهم من النصارى.
وكان من أشهر هذه القصص تلك التي تشير إلى أن الرومان قد اعتقدوا بأن امبراطور مدينة روما والمعروف باسم "رومليوس"، قد أرضعته في صغره ذئبة، فأمدته بالقوة والبداهة والفكر المنير، لذلك أصبح الرومان يحتفلون بعيد الحب في منتصف شهر فبراير من كل عام، وتعودوا على إحياء هذا العيد بالقربان إلى الآلهة، وإقامة العديد من المراسم الرومانية الوثنية.
ومن القصص التي تعود لنشأة هذا العيد أيضا قصة القديسين اللذين يحملان اسم "فالنتين"، حيث كان أحدهما يعيش في مدينة تورني، وقد قتل هذا القديس نتيجة للاضطهاد الذي كان يعيشه المسيحيون في عهد المبراطور "أوريتان"، أما القديس الآخر فقد كان يعيش في مدينة روما، والذي تم اضطهاده وقتله بسبب اعتناقه للديانة المسيحية وتركه للديانة الوثنية التي كانت سائدة في بلده، لذلك تم تنفيذ حكم الإعدام فيه.
وقد تباينت الروايات بشأن هذه القصة، فهناك روايات تشير إلى أن القصة قد بدأت بشكل فعلي عندما أعلن الإمبراطور في روما عن قرار منع الشباب من الزواج، وذلك حتى يتم إلحاقهم في جيشه، لأنه اعتقد أن المتزوجين من الرجال لا يمكن لهم أن يلتحقوا في جيش الإمبراطورية ولا يمكن لهم أن يكونوا جنودا مثابرين، وعندما سمع القديس فالنتين بهذا الإعلان، قام بإيضاح رفضه للإمبراطور، الأمر الذي خول لإلقاء القبض عليه ووضعه في السجن.
وفي روايات أخرى، ذكر فيها أن القديس فالنتين قد وقع في حب ابنة السجان في السجن وأغرم بها، وقد كانت الفتاة كفيفة وعمل هو على شفائها، لذلك قام بإرسال أول بطاقة عيد حب لها في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير عام 269 ميلاديا، مع العلم أنه كان على دراية تامة بأنه إذا كتبها وأرسلها فسيتم تنفيذ حكم الإعدام فيه، الأمر الذي جعل من كتابة هذه الرسالة سببا لإعدام فالنتين وتلقيبه باسم "القديس"، وأصبح هذا الحب رمزا للغرام والوفاء، وذلك لما عمله القديس فالنتين من تضحية بروحه ونفسه من أجل دينه المسيحي.