الصلاة 

تعريفُ الصلاة لغةً: من الفعل صلَّى، يصلِّي، وهي الدعاء، وهي عبادة يتقرب العبد بها إلى ربِّهِ، وأمّا تعريف الصلاة اصطلاحًا: هي أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي ثاني ركن بعد الشهادتين، وهي عماد الدّين وأساسه، وهي العهدُ الذي يفصلُ بين المؤمن والكافر، قال رسول الله -صلّى الله عليهِ وسلَّم-: "إنَّ العهدَ الَّذي بيْنَنا وبيْنَهم الصَّلاةُ فمَن ترَكها فقد كفَر"، [١]، وهذا المقال مخصّصٌ للحديث عن دعاء الهداية للصلاة وحكم تارك الصلاة في الإسلام.

دعاء الهداية للصلاة

إنَّ دعاء الهداية للصلاة والصلاحِ لتاركها أمرٌ مُستَحَبٌّ ولا إشكالَ فيهِ، والدُّعاء لهُ بالرزق ونحوهِ من منافع الدنيا لا بأس به أيضًا، فقدِ اختلف أهلُ العلمِ في كفرِ تارك الصلاةِ كسلًا لا جحودًا، حتَّى على القولِ بكفرِهِ فلا إشكالِ فِي الدُّعاءِ لهُ بنحوِ ما ذُكِرَ، فإنَّ الكافرَ الأصليَّ لا يحرمُ الدُّعاءُ لهُ بذلكَ، وإنَّما المَحْظورُ هُوَ الدُّعاءُ لهُ بالمغفرةِ والرَّحمةِ ونحو ذلكَ منْ منافع الآخرة إذا ماتَ على كفرهِ، وقد قال الإمام النووي -رحمه الله-: "الصلاة على الكافِر والدعاء له بالمغفرة حَرام بنص القرآن والإجماع"، وقدْ ثبتَ عنِ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّهُ دعا بالهدايةِ لبعضِ الكُفَّـار، فعنِ الطفيل بن عمرو الدوسي قال للنَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ دوسًا قد هلكتْ وعصتْ وأبتْ فادعُ الله عليهمْ، فقالَ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: اللهمِ اهدِ دُوسًا وَأْتِ بِهم"، [٢]، فلا حرجَ في دعاء الهداية للصلاة لمن تركَ الصلاة كسلًا، فقد كان النبيُّ يدعي لأعدائِهِ بالهداية كما وردَ سابقًا. [٣].

وهناكَ أدعيةٌ مُستحبَّةٌ، يُدْعَى بها لهدايةِ أحدِ الضّالّين، ومن هذه الأدعية: "اللهم اهدِ فلانًا، اللهمَّ اجعلْهُ هاديًا مهدِيًّا، اللهمَّ اشرَحْ صدرَهُ للحَقِّ، اللهمَّ وفِّقْهُ، اللهمَّ خُذْ بِناصيتِهِ إلى البِرِّ والتَّقوى، اللهمَّ رُدَّهُ إليكَ ردًّا جميلًا"، ووردَ عن جرير -رضيَ اللَّه عنهُ- قالَ: "مَا حجَبَنِي النَّبيُّ -صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم- منذُ أسلمْتُ، ولا رآنِي إِلَّا تبسَّم في وجهي، ولقدْ شكوتُ إليْهِ إنّي لا أثبُتُ على الخيلِ، فضربَ بيدهِ في صدرِي وقالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا"، [٤]. [٥].

حكم تارك الصلاة

إنّ الصلاة من أعظمِ العبادات التي فرضها الله تعالى على عبادِهِ المؤمنين، ولا شكَّ أنَّ عقوبةَ تارِكهِا عظيمة عند الله تعالى، وإنَّ حكم تاركِ الصلاة يكون على حالين اثنين:

  • الحالة الأولى: أنْ يتركَ الصَّلاةَ جاحدًا بوجوبها، فيرى أنَّها غير واجبةٍ عليهِ وهو مكلَّفٌ، فهذا يكون كافرًا كفرًا أكبرَ بإجماعِ أهل العلم، فمنْ جحَدَ وجوبَها فقد كفرَ بإجماع المسلمين، وهكذا من جحد وجوب الزكاة، أو جحد وجوب صوم رمضان من المكلَّفين، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزِّنَـا، وإنَّ كلَّ هؤلاء يكفرون بإجماع المسلمين.
  • الحالة الثانية: أنْ يتركَ الصلاةَ تهاونًا وكسلاً وهو يعلم أنَّها واجبةٌ، فهذا فيهِ خِلاف بينَ أهل العلم، فذهبوا إلى رأيين:
  • الرأي الأول: إنّ تارك الصلاة يكفرُ كفرًا أكبر، وإنَّه يخرج من ملَّةِ الإسلام ويكون مرتدًا كمنْ جحدَ وجوبَها، فإنَّه لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليهِ إذا ماتَ، ولا يدفنُ معَ المسلمينَ ولا يرثُهُ المسلمونَ، مِن أقاربِهِ؛ لقولِ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-: "بين الرجل وبين الكفر والشِرك، تركُ الصَّلاة"، [٦].
  • الرأي الثاني: إنَّ تاركَ الصلاة تَهاونًا وكسلًا لا يكفر بذلك كفرًا أكبر، بل هو كفرٌ أصغر؛ لأنَّه موحِّدٌ، يشهدٌ ألَّا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، ويؤمنُ بأنَّها فريضةٌ عليهِ، كالزكاة والصيام والحج، فلا يكفرُ منْ تَركها، إنمَّا هو عاصٍ، وقد أتى جريمة عظيمة، وعليه التوبة والعودة إلى الصلاة وإلى مرضاة الله تعالى. [٧].