تنفس الجنين
لا يتنفس الجنين داخل رحم الأم من فمه أو من أنفه كما نتنفس نحن، وعند الولادة يجرب الطفل التنفس للمرة الأولى في حياته، وإلى أن يحدث ذلك يتطور جسم الجنين وينمو في بيئة مملءة بالسائل السلوي amniotic fluid، وعلى عكس رئتا الإنسان الطبيعي اللتان تتمددان وتتقلصان عند الشهيق والزفير، فإن رئتا الجنين غير متتطورتين لهذه الغاية بعد، بل تكون الرئتان مملوئتين بالسائل السلوي، وخلال تواجد الجنين في بطن أمه فإنه يحصل على كل ما يوفره التنفس بما في ذلك الأكسجين بمساعدة أمه.
آلية التنفس
يحمل كل من الرئتان والجهاز الدوراني الدم والأكسجين والمواد المغذية إلى الجسم، وفي المقابل يساعدان على إزالة الفضلات من الجسم، ويتضمن التنفس الطبيعي على عمليتي الشهيق inhaling، والزفير exhaling، ويتم من خلال الرئتين اللتان تدفعان بالهواء الذي يحتوي على الأكسجين إلى الأوعية الدموية لكي تنقلها إلى مجرى الدم، وكما أنهما تأخذان ثاني أكسيد الكربون من مجرى الدم، وتنقلان المواد المغذية إلى الجسم، ولأن الجهاز الدوراني للجنين ما زال في مرحلة التطور داخل الرحم، فإن الحبل السري umbilical cord، والمشيمة placenta، واللتان تربطان الجنين بأمه تقومان بالعمل الذي تقوم به الرئتين في العادة.
يتم التبادل بين الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين الجنين والأم من خلال المشيمة والحبل السري، فدم الأم ينتقل عبر المشيمة حاملا معه المواد المغذية للجنين، فالمشيمة متصلة مع الرحم، ومع الحبل السري الذي يتصل مع الجنين، ولذلك يمكننا القول أن الأم تتنفس عن الجنين، فهي تتنفس الهواء المحمل بالأكسجين، والذي ينتقل عبر جهازها الدوراني إلى الجنين من المشيمة إلى الحبل السري، وفي المقابل يذهب ثاني أكسيد الكربون من الطفل إلى الحبل السري، وثم إلى المشيمة، وثم إلى الأم، وهي بدورها تزفر الهواء للخارج لتخلص من الفضلات.
بالرغم من أن الجنين لا يتنفس الهواء، إلا أنه يحصل على تمارين للتنفس وهو داخل الرحم، ففي الأسبوع التاسع من الحمل يقوم الجنين بتحركات تحاكي التنفس، وفهو يقوم بالشهيق والزفير لمادة السائل السلوي في نهاية فترة الحمل، وهو بذلك يكون جاهزا للتنفس بشكل سريع وفعال بعد الولادة، وجسم الأم ينتج مؤثرا سطحيا surfactant في السائل السلوي بشكل متزايد عندما يستمر الحمل، فالجنين يحتاج لهذه المادة لكي تبطن الرئتين من الداخل لإبقاء الأكياس الهوائية مفتوحة، ولكي تمنعها من الإنهيار.
يأخذ الطفل تنفسه لأول مرة بعد الولادة عندما يبدأ بالبكاء، وبعض الأطفال يبكون من تلقاء أنفسهم، بينما يحتاج البعض الآخر إلى مساعدة الطبيب أو الممرضة، ويلاحظ ان الطفل يلهث كنتيجة لاختباره لتغيرات متسارعة في البيئة المحيطة به بعد الولادة، وعند قطع الحبل السري يبدأ الطفل باستخدام رئتيه بنفسه، ويبدأ بالشهيق والزفير، وتنتفخ رئتاه، يبدأ السائل السلوي بالجفاف، ويبدأ الدم بالجريان في أوعيته الدموية.