لم يعد يخفى على أحد أثار التدخين السلبية و دوره في تردي الحياة الصحية للأفراد, بعد الكم الكبير من التحذيرات التي تشير دائما إلى أثره على صحة القلب و الشرايين, و على كونه عاملا رئيسيا في الإصابة بسرطان الرئة, حيث أثبتت الدراسات أن التدخين وحده كان مسؤولا عن 90% من حالات سرطان الرئة عند الرجال, و 80% منها عند النساء, و لكن ما جاءت لتقوله دراسة حديثة و موسعة, عن أثر التدخين على الصحة العقلية, و أثاره السلبية على تدهور وظائف الإدراك و الذاكرة, يعد أمرا جديدا نسبيا, و لكنه غير مفاجئ إلى حد ما نظرا للعدد الكبير من المواد الكميائية الضارة التي تحتويها السجائر و التي من المتوقع أن تترك أثر سلبي بأكثر من طريقة على جسم الإنسان.

شملت الدراسة نحو 8800 شخص, تخطوا العام الخمسين من أعمارهم, بهدف دراسة تأثير ونتائج التدخين على تدهور الذاكرة وظائف الدماغ, وتمت متابعة حالتهم عبر فترة زمنية طويلة 4-8 سنوات, لتجد أنه و بالرغم من أن جميع الأشخاص يتعرضون إلى ثبوط في الذاكرة و تراجع في قدرة الدماغ على تأدية وظائفه الإدراكية بسبب العمر, إلا أن الأفراد المدخنين و حسب الاختبارات المستمرة لهم خلال مدة الدراسة, تطورت حالة تدهور الذاكرة و وظائف الدماغ بشكل كبير يفوق تعرف ما هو عليه عند الأشخاص غير المدخنين.

في هذه الدراسة التي نشرة في مجلة أكسفورد “العمر و الشيخوخة”, ركز الباحثون على دراسة عوامل أخرى قد تؤثر على تدهور عمل الدماغ, فوجدوا أن ارتفاع ضغط الدم, و كذلك زيادة الوزن لها أيضا دورها في تدهور الذاكرة و وظائف الدماغ, بالإضافة إلى التدخين الذي كان العامل الأبرز خلال الدراسة, و حذر القائمون على هذه الدراسة من أن هذه العوامل الثلاثة قد تلعب دورا في مشاكل وعيوب أكثر تعقيدا مثل الخرف.