مكة المكرمة هي أشرف بقاع الأرض وهي التي شرفها الله تعالى بأنها احتضنت بيته الحرام وكعبته المشرفة، كما أنها زادت شرفاً وعظمة حينما احتضنت أيضاً أحداثاً عظيمة تتعلق باشرف البشر على الإطلاق الرسول إبراهيم وابنه اسماعيل – عليهما السلام – ونبي آخر الزمان محمداً - صلى الله عليه وسلم -، لهذا ففراق مكة والبيت الحرام لا يكون كأي فراق، فهذه أرض مباركة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني، ووداعها يجب أن يكون مميزاً بسبب تميزها وتفوقها بالمكانة والرفعة عند رب العالمين. فطريقة وداع مكة المكرمة تكون بالطواف حول الكعبة المشرفة قبل الرحيل.
طواف الوادع هو واحد من ثلاثة أطوفة حول الكعبة المشرفة في الحج، وهو سنة مؤكدة عن الرسول الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم -، كان يؤديها باستمرار. فبعد ان ينفر الحاج من منى من السنة له ان ينزل في منطقة تسمى المحصب فيبيت فيها، وإذا نوى السفر والرحيل والخروج من مكة قام وطاف طواف الوادع فيكون آخر عهده بالبيت الطواف كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حديثه الشرف ( لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت )، أما إذا نوى الحاج المكوث في مكة فيؤجل طواف الوداع فيطوف قبل رحيله عن مكة المكرمة ومفارقة بيت الله تعالى الحرام. ويكون طواف الوداع مثل طواف الإفاضة فما ينطبق على طواف الإفاطة من عرفات ينطبق على طواف الوادع، وبعد الانتهاء من طواف الوداع يصلي ركعتين بعد الطواف، ثم يقف بالملتزم ويدعو الله تعالى أن بما شاء ويدعوه بان يتقبل الله تعالى منه حجه وعبادته وأن يغفر له ذنبه ويعفو عنه خطاياه كلها.
وهناك دعاء مأثور يدعو به المسلم عند طوافه طواف الوداع وهو " اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا، وإلا فمن الآن فارض عني قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغبا عنك ولا عن بيتك، اللهم فاصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير. " أما دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – عند خروجه من مكة فهو " آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده " وهناك من يقول من المختصين بالعلوم الشرعية أن طواف الوداع في العمرة ليس بواجب بل هو مستحب وأوردوا أدلتهم على ذلك على عكس الحج فهو طواف واجب لمن حج البيت العتيق.