البيت العتيق
الكعبة المشرَّفة هي بيت الله العتيق مهوى قلوب المسلمين من كافّة مشارق الأرض ومغاربها؛ فإليه تتجه الجِباه والأفئدة الخاشعة المتذللة لله الواحد الجبار من جميع أنحاء المعمورة؛ فيفد المسلمون إلى البيت العتيق من كلِّ فَجٍّ عميقٍ كما ذكر القرآن الكريم ليؤدوا مناسكهم- الحجّ والعُمرة- وليطوفوا حول الكعبة المُشرَّفة منذ بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السَّلام، لتكون الكعبة هي أول بيتٍ وضع للنَّاس ليعبدوا الله فيه على هُدى وبصيرة بعقيدةٍ صافيةٍ خاليةٍ من المعتقدات الباطلة والمفاهيم الخاطئة.
الحجّ من العبادات التي عرفها العرب منذ زمن إبراهيم عليه السَّلام، أمَّا العُمرة فقد فُرضت على المسلمين؛ فكلاهما واجبان على المسلم أو المسلمة مرَّةً واحدةً في عُمر الإنسان، ومن أراد الزِّيادة؛ فله ذلك وله الأجر والمثوبة عند الله تعالى كغيره من الأعمال التَّطوعيّة. في هذا المقال سنبين شروط الحج والعمرة.
شروط الحجّ والعُمرة
الحجّ والعمرة من العبادات الواجبة؛ لذلك فقد ضبطها الشَّرع الحنيف ضِمن شروطٍ يجب على المسلمين كافةً الانصياع لها، وهي كالتالي:
- الدُّخول في الإسلام؛ فلا حجّ ولا عُمرة لمن لم يكنْ على مِلَّة الإسلام؛ فالدُّخول في الإسلام هو مفتاح العبور للعبادات الإسلاميّة عن طريق النُّطق بالشَّهادتين.
- العقل؛ فلا حجّ ولا عُمرة لمن فقد عقله أو جزءاً منه بحيث أصبح غير قادرٍ على التَّمييز والإدراك والاستيعاب وأداء العبادة كما يجب؛ فالعقل هو مناط التَّكليف والحِساب والعقاب؛ فإذا أخذ ما أَوهبْ أسقط ما أَوجبْ.
- البُلوغ؛ فلا حجّ ولا عمرة لمن لم يصل إلى سنِّ البلوغ سواءً كان ذكراً أم أنثى وعلامته الاحتلام للذَّكر والحيض للأنثى، أمّا من حجّ أو اعتمر قبل البلوغ؛ فله الأجر بإذن الله لكن لا تغنيه عن الحجّ والعُمرة بعد البلوغ.
- الحُريّة؛ فلا حجّ ولا عُمرة لمن لم يمتلك أمر نفسه كالعبيد والرَّقيق والسَّبايا.
- الاستطاعة؛ فلا حجّ ولا عُمرة لمن لم يمتلك زاداً يكفيه في رحلة الحج أو العمرة- والزَّاد يشمل كلَّ ما يحتاجه الحاجّ أو المعتمر ويتطلَّب المال- ووسيلة ركوبٍ وتنقلٍ من بلده إلى مكّة المكرَّمة وبالعكس، ومن ضِمن الاستطاعة المقدرة الجسديّة على تحمُلّ أعباء الرِّحلة والقيام بواجبات وأركان الحجّ والعُمرة، كذلك الاطمئنان على النِّفس في الرِّحلة وعلى من تركهم خلفه من الأهل وممّن يعول.
- الشَّرط السَّادس يُضاف للنِّساء فقط وهو وجود المُحرَم الذي يرافقها في رِحلة الحجّ أو العمرة؛ فلا حجّ لمن لم يكنْ لها محرمٌ يسافر معها؛ لحمايتها ورعايتها والقيام بطلباتها ومساعدتها.