الليل معروف بسوادهِ الذي يختلي فيه الإنسان بنفسهِ أو يختلي بمن يعشقهُ أو من يذهب الى النوم، فالليل لا يجد الإنسان راحتهُ وما يحب فعلهُ وما تهواهُ نفسه بغض النظر عن الأمر الذي يفعلهُ حسب إهتمامات الشخص وما يريد أن يفعلهُ ولكن الليل هو ما يجد فيه الإنسان ما يفعلهُ، فكم منّا من يذهب الى أن ينام مع شريك حياتهِ، وكم منّا من يحب أن يشاهد التلفاز أو يجلس على الإنترنت أو يتكلّم على الهاتف مع من يحب، ولكن هناك نور يوجد في غرفة مظلمة شخص يقيم الليل ويختلي فيه مع من يحب ويصلّي ويبكي من خشية الله تعالى فما اجمل وافضل هذا العشق الذي لا تعب من بعده ولا خسران، فالليل يذهب كل شخص الى خليلهُ وما يهواهُ قلبهُ، والمتّقي وحدهُ هو من يجد متعة التقرّب الى الله ويختلي بحبّهِ مع الله .
فقيام الليل هو أن يقضي الليل أو جزء منهُ ولو لساعة في طاعة الله كالصلاة أو قراءة القرآن أو التسبيح والتهجيد وذكر الله تعالى والإستغفار لله عمّا قدّمت يداهُ وما تأخّرت، وأن يبكي الشخص لله عزّ وجل وهو خاشع ذليل يتذكّر فيها ما فعلهُ أو ما قصّر على فعل أو طاعة لله عزّ وجل، فقيام الليل هو دأب الصالحين الذين وحدهم من يتميّزون في قيام الليل، وطريق الفوز بالجنّة لأنّ الجنّة لا تحتاج الى من يعبد الله في الخلا والعلانية، وهي التجارة التي يربط فيها العبد مع الله ليتقرّب منهُ، وهو الطريق التي يشكو فيها المسلم لله تعالى على أحوالهِ ويسأل الله تعالى من فضلهِ ليفرّج عليه هم أو ضيق، ويتضرّع فيها الصالحون الى ما عند الله ويبيعون ما في الدنيا من نعيم زائل، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في كتابهِ فقد قال تعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } [السجدة:16) فهم لا يعرفون أن يناموا إلاّ أن تبكي عيونهم من الخوف من الله وعندما يذهبون الى النوم تتزعزع قلوبهم وترتجف وتخاف فتجدهم يقومون ويتوضّئون ويذهبون الى غرفتهم المظلمة فتجدهم يصلون ويبكون من خشية الله، فهؤلاء هم فقط من يفوزون بالجنّة من دون حساب لأنّ الله حرّم النار على من بكى من خشيتهِ، والصالحون يمكن أن يميّزهم أي شخص يراهم فقد قال الله تعالى فيهم : {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} فهي أثر الصالحين وهم أصحاب الشرف وتاج على جبينهم لما خرّت رؤوسهم وهي ساجدة لله تعالى في الليل وقيامها وآداء الصلوات في وقتها، فهي تاج لا يمنحها الله سوى عبادهِ المخلصين، فإن وجدتَ شيخاً لا يحملها أو أي شخص فاعلم أنّ فيهِ شيء لا يحبّهُ الله تعالى، وإن وجدتها في شخص فاعلم انّ الله أحبّ فيه شيء غير موجودة عند الكثير من عبادهِ .
الكثير منّا يقع في مشاكل وعيوب أو ضيق أو يواجه صعوبات في هذه الحياة التي كلّما كبر الإنسان وجد الصعوبة فيها يوم بعد يوم وتضيق بهِ الأرض ويتخلّى عنهُ من حولهُ، ولكن هناك طريق إسمهُ كلّما تقرّب عبدي لي شبراً تقرّبتُ له ذراعاً، فما بالك بالدنيا وزوالها فكلّنا سنموت وندفن وسنسأل عمّا فعلنا، فكم جميل أن تموت وأن مؤدّي الى صلواتك وتقوم الليل ففيها الراحة والنعيم وزوال الهموم ودواء للجسد من الأمراض، فعليك بها فهي الطريق الوحيد لضمان الجنة، فقد كانت الصحابة تصلّي وتقيم الليل ومن قيامهم قد وعدهم الله جنّة عرضها السموات والأرض .