يعتبر ذي الحجة من أعظم الشهور التي نعيشها ، ونعايش بركتها في حياتنا ، في كل عام ، نشعر بأهمية وفائدة هذه الأيام المباركة ، وهي الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة ، تلك الأيام التي فضلها الله عن باقي الأيام ، واعتبر صيامها كأيام لا يمكن لآحد أن ينكر فضلها وبركتها ، ففيها فرضت الفريضة العظيمة ، فريضة الحج ، لمن استطاع إلى الكعبة سبيلاً ، فيحج المسلم فيها من كل عام ، متوكلا على الله ، وواثقا بنصره وبركته ، كما فعل مع النبي صل الله عليه وسلم وصحبته الكرام ، وذي الحجة يعتبر من أهم الأيام لآن فيه يوم عرفة ، وهو اليوم الذي أخصه الله ليقف المسلم على جبل عرفة مكبراً لله ، وموحداً ، وملبياً دعوته سبحانه وتعالى ، فيشهد الله ملائكته أنه قد غفر لهم كل ذنوبهم ، أنهم عادوا كالأطفال كما ولدتهم أمهم ، وفي هذا السياق يأتي اليوم الذي يذبح فيه الهدي وهو يوم العاشر من ذي الحجة ، ويعتبر هو أول أيام عيد الأضحى ، ولا رفي هذا اليوم إلا التمتع به ، وعدم النظر إلى المحرمات ، والفرح ، والشعور بأهمية وفائدة هذا اليوم العظيم ، وفي هذه الأيام لا بد من الوقوف على أهميتها ، وأهمية وفائدة التمتع بها ، وهنا نأتي للثلاث أيام التي تلي يوم عيد الأضحي المبارك ، وهي ثاني وثالث ورابع يوم ، وفي هذه الأيام اعتاد البعض على صيام هذه الأيام ، لما فيها من بركة وراحة ، وشعور بالطمأنينة ، ولكن جاء في صيامها أقوال كثيرة ، نذكر منها :
أنه لا يجوز على المسلم صومها مطلقاً ، واعتبر عدم جواز صيامها كعدم جواز صيام عيد الأضحى وعيد الفطر ، وجاء هذا المنع في ضرورة المسلم التمتع بما منحه الله له ، واعتبرت هذه الأيام كمنحة من الله عز وجل يقضي بها بصرورة أن يكون المسلم واعياً ومسبحاً ، وغير صائما ليزور الأقارب والأصحاب ، ويجاملهم في عيدهم الذي خلقه الله لهم .
وجاء الرأي الأخر مخالفاً ، فرأى العلماء أنه يجوز للمسلم القادر البالغ أن يصومها ، مادام هو قادر عليها ، بشرط ألا تؤثر على علاقاته الإنسانية ، ويذهب ليحقق صلة الرحم التي أمر بها الله سبحانه وتعالى .
وجاء الرأي الثالث في شريعة الحجاج ، فلا بد للحاج أن يذبح فإن لم يستطع فمن الممكن أن يصوم أيام التشريع للتعويض عن الذبيحة التي لم يستطع أن يذبحها في بيت الله الحرام ، والنبي صل الله عليه وسلم لم يشق على قومه ، فأمرهم أن يؤدوا العبادة كيفما رأوا ، وكما أرادوا ، حتى لا تكون لهم حجة عند الله سبحانه وتعالى .